أنسه وإني لا أعلم أنه مكاسلي (١) ما به إلّا الطعام ، فدعا بالمائدة ، فقال : تقدم يا أعرابي لتضرط ، وإنما أراد لتأكل ، فقال : قد فعلت قال عبد الملك : إنا لله وإنا إليه راجعون ، لقد امتحنا فيه اليوم والله لأجعلنّها مذكورة ، يا غلام جيء بعشرة آلاف فجاء بها ، فأعطاها الأعرابي ، فلما صارت إليه انبسط ونسي ما كان منه فقال حكيم بن عيّاش (٢) :
ويضرط ضارط من غمز قوس |
|
فيحبوه الأمير بها بدورا |
فيا لك ضرطة جرّت كثيرا |
|
ويا لك ضرطة أغنت فقيرا |
فودّ القوم لو ضرطوا جميعا |
|
وكان حباؤهم (٣) منها عشيرا |
أتقبل ضارطا ألفا بألف |
|
فأضرط أصلح الله الأميرا |
فأمر له بعشرة آلاف درهم ، وقال : لا تضرط يا حكيم.
ولحكيم بن عيّاش وكان يتعصب على مضر (٤) :
ما سرّني (٥) أن أمّي من بني أسد |
|
وأنّ ربّي نجّاني من النار |
وأنهم زوّجوني من بناتهم |
|
وأن لي كل يوم ألف دينار |
ذكر أبو علي الحسين بن القاسم الكوكبي ، نا أبو جعفر أحمد بن وهب ، نا عمر بن محمّد الأزدي ، عن ثمامة بن أشرس ، عن محمّد بن راشد ، قال (٦) : جاء رجل إلى عبد الله بن جعفر عليهالسلام ، فقال : يا ابن رسول الله هذا حكيم الكلبي ينشد الناس بالكوفة هجاءكم قال : هل علقت منه شيء؟ قال : نعم فأنشده :
صلبنا لكم زيدا (٧) على جذع نخلة |
|
ولم ير مهديا على الجذع يصلب |
وقستم بعثمان عليا سفاهة |
|
وعثمان خير من عليّ وأطيب |
فرفع عبد الله يديه إلى السماء وهما ينتفضان رعدة ، فقال : اللهم إن كان كاذبا
__________________
(١) في المختصر : وإني لأعلم أنه لا يسلي.
(٢) بالأصل : «عباس» وهو صاحب الترجمة.
(٣) الأصل : «حياهم» والمثبت عن المختصر وفي م : حياؤهم.
(٤) البيتان في معجم الأدباء ١٠ / ٢٤٨.
(٥) عن معجم الأدباء وبالأصل : مرّ بي.
(٦) الخبر والشعر في معجم الأدباء ١٠ / ٢٤٩ والبيتان في الوافي بالوفيات ١٣ / ١٣٢.
(٧) يريد زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب كما في الوافي بالوفيات.