بها ، وانتقل إلى دمشق فسكنها مدة طويلة ، واكتتب في العسكر وكان يحفظ القرآن ، وذكر أنه حفظه في مدة قريبة ، وله شعر حسن وفيه شجاعة وعفاف.
أنشدنا أبو الغنائم لنفسه (١) :
ما بعد جلّق للمرتاد منزلة |
|
ولا كسكّانها في الأرض سكّان |
فكلّها لمجال (٢) الطّرف منتزه |
|
وكلّهم لصروف الدّهر أقران |
وهم وإن بعدوا مني بنسبتهم |
|
إذا بلوتهم بالودّ إخوان |
وأنشدنا (٣) :
وبلدة جمعت من كل مبهجة |
|
فما يفوت لمرتاد بها وطر |
بكلّ مشترف من ربعها أفق |
|
وكلّ مشترف من أفقها قمر |
قال لنا أبو الغنائم : واشتقت إلى تربة أخي يحيى رحمهالله ، وأنا بماردين (٤) فعملت :
بالشام لي جدث وجدت بفقده |
|
وجدا يكاد القلب منه يذوب |
فيه من البأس المهيب صواعق |
|
تخشى ومن ماء السماء قليب |
فارقت حتى حسن صبري بعده |
|
وهجرت حتى النوم وهو حبيب |
قال : وعملت شعرا وقد خرجنا إلى الحرب وتذكرت أخي يحيى رحمهالله :
يذكرني يحيى الرماح سوارعا |
|
وبيض المواضي جرت للوقائع |
وأقسم ما رؤياه في العين بهجة |
|
بأحسن من أوصافه في المسامع |
قال : وعملت في الخمر لسبب أوجب ذلك (٥) :
وقهوة كدموع الصبّ صافية |
|
يكاد في الكأس بين الشّرب يلتهب (٦) |
__________________
(١) الأبيات في معجم الأدباء ١١ / ١٧ ـ ١٨ والوافي ١٣ / ٢٠٢.
(٢) عن المصدري ، وبالأصل «بمجال».
(٣) البيتان في معجم الأدباء ١١ / ١٨.
(٤) ماردين قلعة مشهورة على قفة جبل الجزيرة مشرفة على دنيسر ودارا ونصيبين (معجم البلدان).
(٥) البيتان في معجم الأدباء ١١ / ١٧.
(٦) معجم الأدباء : تكاد ... تلتهب.