الْعَذابُ)(١)(بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ. أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ ، وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ)(٢)(أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)(٣) فأقمت أياما ثم قرأت : ما يتلو هذا : (بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها ، وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ)(٤) فقلت له : يا عم قد قال الله تعالى : (بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) فأنا بحمد الله ونعمته لم أكذّب بآيات ربي ، ولا أستكبر عن عبادته وما أنا من الكافرين ، فمسح ـ يعني رأسي ـ ، وقال : يا بني اتّق الله تعالى وخفه وارجه.
قال : ونا الحسن بن حبيب ، قال : سمعت حميد بن هشام الدّاراني قال : قرأ رجل على أبي سليمان سورة : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً)(٥) فلما بلغ هذا الموضع (وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً)(٦) قال : فقال أبو سليمان بما صبروا على ترك الشهوات في دار الدنيا.
قال الحسن بن حبيب ، وأنشدنا حميد بن هشام لبعضهم (٧) :
كم قتيل لشهوة وأسير |
|
أفّ للمشتهي خلاف الجميل |
شهوات الإنسان تورثه الذّلّ |
|
وتلقيه في البلاء الطويل |
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل ، أنا جدي مقاتل بن مطكود بن أبي نصر ، قال : سمعت أبا علي الحسن بن علي بن إبراهيم المقرئ يقول : سمعت عبد الرّحمن بن عمر يقول : سمعت الحسن بن حبيب يقول : سمعت حميد بن هشام يقول : قرأ رجل عند أبي سليمان الدّاراني : (وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً) فقال : أي والله بما صبروا على ترك الشهوات في الدنيا ، قال : وأنشدنا حميد :
__________________
(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وزيادته لازمة عن تاريخ داريا.
(٢) الآيتان ٥٥ ـ ٥٦ من سورة الزمر.
(٣) الآية ٥٨ من سورة الزمر.
(٤) الآية ٥٩.
(٥) الآية الأولى من سورة الدهر (الإنسان).
(٦) الآية ١٢ من سورة الدهر (الإنسان).
(٧) البيتان في تاريخ داريا ص ١١٢.