ثابت ، أنا أحمد بن علي بن الحسين التّوّزي ، نا عبيد الله بن محمّد بن أحمد المقرئ ، أنا جعفر بن القاسم ، أنا أحمد بن محمّد الطوسي ، نا ابن أبي سعد ، حدّثني عمر بن إسماعيل بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرّحمن بن عوف :
حدّثني محمّد بن شفنة (١) الغفاري ، قال : خرج حكم الوادي المغني من الوادي مغاضبا لأبيه حتى ورد المدينة فصحب قوما من الجمالين إلى الكوفة يعاونهم ويركب معهم العقبة حتى دخل الكوفة فسأل من أسرى (٢) من بالكوفة ممن يشرب النبيذ؟ وأسراه أصحابا؟ ، فقيل : فلان التاجر البزاز وله ندماء من البزازين ، وكان التجار يصيرون في منزل كل واحد كل يوم ، فإذا كان يوم الجمعة صاروا إلى منزله ، فخرج فجلس في حلقتهم ، كل واحد منهم يظن أنه جاء مع بعضهم يتحدثون ويتحدث معهم حتى انصرفوا ، فصاروا إلى منزل الرجل وهو معهم.
فلما أخذوا مجالسهم جاءت جارية وأخذت منهم أرديتهم ، فطوتها ، وأتوا بالطعام ثم أتوا بالنبيذ فشربوا ، وكلهم يظن بالوادي ذلك الظن ، حتى إذا طابت أنفسهم قام [حكم] الوادي إلى المتوضأ ، فأقبل بعضهم على بعض فقالوا : مع من جاء هذا؟ فكلهم يقول : والله ما أعرفه ، فقالوا : طفيلي؟ فقال صاحب المنزل : فلا تكلموه بشيء فإنه سريّ هنيء عاقل.
وسمع الكلام ، فلما خرج حيّا القوم ثم قال لصاحب البيت : هل هنا دف مربع؟ قال : لا والله ولكن نطلبه لك ، فأرسل فاشترى من السوق ، وعلموا أنه مغنّي (٣) ، فلما وقع الدف في يده فلما حركه كاد أن يتكلم ، فكادوا أن يطيروا من الطرب من نقره بالدف ، ثم غنى بحلق لم يسمعوا بمثله ، فلما سكت قالوا : بأبي أنت يا سيدنا ما كان ينبغي أن يكون إلّا هكذا ، فقال : قد سمعت كلامكم وما ذكرتم من تطفيلي ، وأي شيء كان عليكم من رجل دخل فيما بين أضعافكم؟ فقالوا : ما كان علينا من ذلك من شيء.
فأقام معهم يوما ، ثم قالوا له : أين تريد؟ قال : باب أمير المؤمنين ، قالوا : وكم أملك؟ قال : ألف دينار ، قالوا : فإنا نعطي الله عهدا إن رآك أمير المؤمنين في سفرك هذا
__________________
(١) كذا ، ومرّ «شعبة» ولم أحله.
(٢) أسرى ، من التسرية وهي المروءة في شرف ، وسري فهو سري (قاموس).
(٣) كذا بالأصل وم.