يزيد بن خالد القسري ، وأبو علاقة السكسكي ، وأبو ذؤالة الكلبي (١) ، ونظراؤهم فقال بعضهم لبعض : إن بقي الغلامان ابنا الوليد حتى يقدم مروان فيخرجهما من الحبس ويصير الأمر إليهما لم يستبقيا أحدا ممن قتل أباهما قالوا : أي أن تقتلهما فولوا ذلك يزيد بن خالد ـ ومعهما في الحبس أبو محمّد السفياني ويونس بن عمر ـ فأرسل إليهما يزيد مولى لخالد ، يكنى أبا الأسد في عدة من أصحابه ، فدخل السجن فشدخ الغلامين بالعمد (٢) وأخرج يوسف بن عمر فضرب عنقه ، وأرادوا أبا محمّد ليقتلوه فدخل بيتا من بيوت السجن فأغلقه وألقى خلفه الفرش والوسائد ، واعتمد على الباب فلم يقدروا على فتحه ، ودعوا بنار ليحرقوه فلم يؤتوا بها ، حتى قيل : دخلت خيل مروان المدينة ، وهرب إبراهيم بن الوليد ، وتغيب ، وأنهب سليمان ما كان في بيت المال من المال ، وقسّمه فيمن معه من الجنود ، وخرج من المدينة وثار من فيها من موالي الوليد بن يزيد إلى دار عبد العزيز بن الحجاج فقتلوه ، ونبشوا قبر يزيد بن الوليد وصلبوه على باب الجابية.
ودخل مروان دمشق فنزل عالية وأتي بالغلامين مقتولين ويوسف بن عمر فأمر بهم فدفنوا (٣) ، وأتي بأبي محمّد محمولا في كبوله فسلّم عليه بالخلافة ، ومروان يسلّم عليه يومئذ بالإمرة فقال له : مه ، فقال : إنهما جعلاها لك بعدهما ، وأنشده شعرا قاله الحكم في السجن ، قال : وكانا قد بلغا ، وولد لأحدهما وهو الحكم وكان أكبرهما ، والآخر قد احتلم قبل ذلك بيسير ، فقال : قال الحكم (٤) :
ألا من مبلغ مروان عنّي |
|
وعمي الغمر طال بذي حنينا |
بأني قد ظلمت وصار قومي |
|
على قتل الوليد مشايعينا (٥) |
أيذهب كلبهم (٦) بدمي ومالي |
|
فلا غثّا أصبت ولا سمينا |
ومروان بأرض بني نزار |
|
كليث الغاب مفترش (٧) عرينا |
ألا يحزنك قتل فتى قريش |
|
وشقّهم عصا المسلمينا |
__________________
(١) في الطبري : والأصبغ بن ذؤالة الكلبي.
(٢) بالأصل : «بالغد» والمثبت عن الطبري.
(٣) الأصل «فدفعوا» والمثبت عن الطبري ٧ / ٣١١.
(٤) الأبيات في الطبري ٧ / ٣١١ والكامل لابن الأثير حوادث سنة ١٢٧.
(٥) الطبري : متابعينا.
(٦) ابن الأثير : أيذهب كلهم.
(٧) الطبري : مفترس.