وإمّا برفع اليد عن المفهوم فيهما (١) ، فلا دلالة لهما على عدم مدخليّة شيء آخر في الجزاء. بخلاف الوجه الأوّل ، فإنّ فيهما الدلالة على ذلك.
وإمّا بتقييد إطلاق الشرط في كلّ منهما بالآخر ، فيكون الشرط هو خفاء الأذان والجدران معا ، فإذا خفيا وجب القصر ، ولا يجب عند انتفاء خفائهما ولو خفي أحدهما(٢).
وإمّا بجعل الشرط هو القدر المشترك بينهما بأن يكون تعدّد الشرط قرينة على أنّ الشرط في كلّ منهما ليس بعنوانه الخاصّ ، بل بما هو مصداق لما يعمّهما من العنوان (٣).
__________________
ـ وطريق علاج هذه المعارضة أن يقيّد إطلاق المفهوم في القضيّة الأولى بمنطوق القضيّة الثانية ، فيصير مفاد المفهوم : «إذا لم يخف الأذان لم يجب القصر إلّا فيما إذا خفيت الجدران» ؛ ويقيّد إطلاق المفهوم في الثانية بمنطوق القضيّة الأولى ، فيصير مفاد المفهوم : «إذا لم تخف الجدران لم يجب القصر إلّا إذا خفي الأذان».
والحاصل : أنّه ينفي وجوب القصر عند انتفاء خفاء الأذان والجدران معا.
وأورد عليه السيّد المحقّق الخوئيّ بأنّ المفهوم لازم عقليّ للمنطوق ، ولا يعقل التصرّف فيه بتقييد أو تخصيص من دون التصرّف في المنطوق أصلا ، وإلّا لزم انفكاك المعلول عن العلّة. المحاضرات ٥ : ٩٩.
ولا يخفى : أنّه استفاد الإيراد من إفادات المحقّق الأصفهانيّ في نهاية الدراية ١ : ٦١٣.
(١) وهذا هو الوجه الثاني. وهو واضح.
(٢) وهذا هو الوجه الثالث. وتوضيحه : أنّ هنا إطلاقين :
أحدهما : إطلاق الشرط في القضيّة الأولى ، وهو يدلّ على أنّ خفاء الأذان تمام الموضوع لوجوب القصر.
ثانيهما : إطلاق الشرط في الثانية. وهو يدلّ على أنّ خفاء الجدران تمام الموضوع لوجوب القصر.
وطريق العلاج أن نرفع اليد عن الإطلاقين ، بأن يقيّد إطلاق الشرط في الأولى بنصّ الشرط في الثانية ، ويقيّد إطلاقه في الثانية بنصّ الشرط في الأولى. ونتيجة ذلك صيرورة كلّ من الشرطين جزء الموضوع وترتّب وجوب القصر على كلا الشرطين مجموعا لا على أحدهما مستقلّا.
(٣) وهذا هو الوجه الرابع. وعليه يكون الشرط هو الجامع بينهما. ونتيجة ذلك ترتّب وجوب القصر على خفاء أحدهما وإن لم يخف الآخر.