ولعلّ العرف يساعد على الوجه الثاني (١) ، كما أنّ العقل ربما يعيّن هذا الوجه (٢) ، بملاحظة أنّ الامور المتعدّدة ـ بما هي مختلفة ـ لا يمكن أن يكون كلّ منهما مؤثّرا في واحد ، فإنّه لا بدّ من الربط الخاصّ بين العلّة والمعلول ، ولا يكاد يكون الواحد بما هو واحد مرتبطا بالاثنين ـ بما هما اثنان ـ ، ولذلك أيضا لا يصدر من الواحد إلّا الواحد (٣). فلا بدّ من المصير إلى أنّ الشرط في الحقيقة واحد ، وهو المشترك بين الشرطين بعد البناء على رفع اليد عن المفهوم وبقاء إطلاق الشرط في كلّ منهما على حاله ، وإن كان بناء العرف والأذهان العاميّة على تعدّد الشرط وتأثير كلّ شرط بعنوانه الخاصّ ، فافهم (٤).
__________________
(١) وهو رفع اليد عن المفهوم فيهما.
وقال المحقّق الأصفهانيّ : «أنّه لا ترجيح للوجه الثاني على الأوّل بتوهّم أنّه لا تصرّف فيه في المنطوق دون الأوّل ، فإنّ الثاني ما لم يتصرّف في منطوقه لا يعقل رفع اليد عن لازمه ، بل لعلّ الترجيح للأوّل ، فإنّ رفع اليد عن إطلاق الحصر أهون من رفع اليد عن أصل الحصر». نهاية الدراية ١ : ٦١٣.
(٢) أي : الوجه الرابع.
(٣) وأورد عليه المحقّق الأصفهانيّ بأنّ مورد القاعدة وعكسها الواحد الشخصيّ الحقيقيّ ، ووحدة الجزاء في المقام وحدة نوعيّة ، فلا تتمّ هذه القاعدة في مثل المقام.
(٤) وفي بعض النسخ زاد وجها خامسا ـ كما في النسخة المطبوعة الّتي على حواشيها تعليقات العلّامة المشكينيّ ١ : ٣١٤ ـ. وهو قوله : «وأمّا رفع اليد عن المفهوم في خصوص أحد الشرطين وبقاء الآخر على مفهومه ، فلا وجه لأن يصار إليه ، إلّا بدليل آخر ، إلّا أن يكون ما بقي على المفهوم أظهر ، فتدبّر جيّدا».
ولكن ضرب عليه خطّ المحو في النسخة المصحّحة. وهو الصحيح ، لأنّ مجرّد رفع اليد عن مفهوم أحدهما وبقاء الآخر على مفهومه لا يجدي في علاج التعارض ، ضرورة أنّ التعارض إنّما هو بين مفهوم كلّ واحدة منهما ومنطوق الاخرى ، ورفع اليد عن مفهوم أحدهما إنّما يرفع التعارض بين مفهومها ومنطوق الاخرى ، وأمّا التعارض بين مفهوم الاخرى ومنطوق تلك باق على حاله.
وقد ذكر في المقام وجهان آخران :
الأوّل : ما يظهر من كتاب السرائر ١ : ٣٣١. وحاصله : رفع اليد عن إحدى الجملتين رأسا وحفظ الاخرى منطوقا ومفهوما. ـ