فتفطّن (١).
وقد اجيب عن الاحتجاج بأنّ الباقي (٢) أقرب المجازات (٣).
وفيه : لا اعتبار في الأقربيّة بحسب المقدار ، وإنّما المدار على الأقربيّة بحسب زيادة الانس الناشئة من كثرة الاستعمال.
وفي تقريرات بحث شيخنا الاستاذ قدس سرّه في مقام الجواب عن الاحتجاج ما هذا لفظه : «والأولى أن يجاب ـ بعد تسليم مجازيّة الباقي ـ بأنّ دلالة العامّ على كلّ فرد من أفراده غير منوطة بدلالته على فرد آخر من أفراده ، ولو كانت دلالة مجازيّة ،
__________________
(١) والأعلام الثلاثة لم يرتضوا بما ذكره المصنّف رحمهالله في الجواب عن الاحتجاج ، بل ذكر كلّ واحد منهم وجها آخر غير ما ذكره الآخر. ونكتفي بذكر ما أفاد المحقّق النائينيّ ، لأنّه قريب من مبنى المصنّف رحمهالله في الفصل السابق.
وحاصله : أنّ تخصيص العامّ لا يوجب المجازيّة ، لا في أداة العموم ولا في مدخولها.
أمّا في الأداة : فلأنّها لم توضع إلّا للدلالة على استيعاب ما يراد من مدخولها ، وهي تدلّ عليه دائما ، سواء كان ما يراد من مدخولها معنى وسيعا أو معنى ضيقا ، وسواء كان الدالّ على الضيق مخصّصا متّصلا أو مخصّصا منفصلا ، وسواء كان التخصيص أنواعيّا أو أفراديّا.
وأمّا في المدخول : فلأنّ المدخول ـ كالعالم ونحوه ـ لم يوضع إلّا للدلالة على الماهيّة المهملة المعرّاة عن كلّ خصوصيّة ، ولم يستعمل إلّا في الطبيعة المهملة من دون ملاحظة خصوصيّة معها. فلو قيّد المدخول بخصوصيّة توجب ضيق دائرة المدخول لم يستلزم مجازا في المدخول ، لأنّه استعمل أيضا في الطبيعة المهملة ، والخصوصيّة إنّما استفيدت من دالّ آخر. ولا فرق فيما ذكر بين أن يكون المخصّص منفصلا أم متّصلا ، ولا بين أن كون المخصّص ذات عنوان نوعيّ أو يكون ذات عنوان فرديّ ، ولا بين القضايا الحقيقيّة وبين القضايا الخارجيّة.
وبالجملة : أنّ تخصيص العامّ ـ بجميع أقسامه ـ لا يوجب المجازيّة ، كي يستدلّ على إجمال العامّ المخصّص بتعدّد المجازات بعد التخصيص. فوائد الاصول ٢ : ٥١٨ ، أجود التقريرات ٢ : ٤٤٩ ـ ٤٥٠.
وإن أردت الاطّلاع على ما أفاده المحقّق الاصفهانيّ والمحقّق العراقيّ والسيّد الإمام الخمينيّ في مقام الجواب عن الاحتجاج المذكور فراجع نهاية الدراية ١ ـ ٦٣٥ ـ ٦٣٦ ، مقالات الاصول ١ : ٤٣٨ ، مناهج الوصول ٢ : ٢٣٩.
(٢) أي : تمام الباقي.
(٣) هذا الجواب أفاده المحقّق القميّ في القوانين ١ : ٢٦٦.