قلت : لا يخفى أنّ دلالته على كلّ فرد إنّما كانت لأجل دلالته على العموم والشمول ، فإذا لم يستعمل فيه واستعمل في الخصوص ـ كما هو المفروض ـ مجازا ، وكان إرادة كلّ واحد من مراتب الخصوصيّات ـ ممّا جاز انتهاء التخصيص إليه واستعمال العامّ فيه مجازا ـ ممكنا (١) ، كان تعيين (٢) بعضها بلا معيّن ترجيحا بلا مرجّح ؛ ولا مقتضي لظهوره فيه (٣) ، ضرورة أنّ الظهور إمّا بالوضع وإمّا بالقرينة ، والمفروض أنّه ليس بموضوع له (٤) ، ولم يكن هناك قرينة (٥) ، وليس له موجب آخر.
ودلالته على كلّ فرد على حدة حيث كانت في ضمن دلالته على العموم لا يوجب ظهوره في تمام الباقي بعد عدم استعماله في العموم إذا لم تكن هناك قرينة على تعيينه. فالمانع عنه وإن كان مدفوعا بالأصل ، إلّا أنّه لا مقتضي له بعد رفع اليد عن الوضع. نعم ، إنّما يجدي إذا لم يكن مستعملا إلّا في العموم ، كما فيما حقّقناه في الجواب ، فتأمّل جيّدا.
__________________
(١) أي : وكان استعمال العامّ في كلّ واحد من المراتب ـ مجازا ـ ممكنا.
(٢) وفي بعض النسخ : «تعيّن».
(٣) أي : في بعضها.
(٤) أي : لم يوضع العامّ للدلالة على ثبوت الحكم لبعض المراتب ـ كمرتبة تمام الباقي ـ ، بل إنّما وضع للدلالة على ثبوت الحكم لتمام أفراد مدخوله.
(٥) لأنّ القرينة ـ وهي المخصّص ـ إنّما قامت على أنّ العام استعمل في غير معناه الموضوع له من المراتب المتعدّدة مجازا ، ولا قرينة اخرى على تعيين إحداها.