بالتجريد. ومعه لا فائدة في التقييد ، مع أنّ التأويل والتصرّف في القضايا المتداولة في العرف غير خال عن التعسّف. هذا مضافا إلى أنّ الوضع لما لا حاجة إليه ـ بل لا بدّ من التجريد عنه وإلغائه في الاستعمالات المتعارفة المشتملة على حمل المعرّف باللام أو الحمل عليه ـ كان لغوا كما أشرنا إليه (١).
فالظاهر أنّ «اللام» مطلقا تكون للتزيين ، كما في الحسن والحسين. واستفادة
__________________
(١) قبل أسطر ، حيث قال : «مع أنّ وضعه لخصوص معنى». وحاصل ما أفاده المصنّف رحمهالله في ردّ ما هو المعروف ـ من وضع اللام للتعريف والتعيين في غير العهد الذهنيّ ـ : أنّه لو كانت اللام دالّة على التعيين يلزم أحيانا إمّا المخالفة مع ما هو المتداول في العرف في باب الاستعمالات ، وإمّا المخالفة مع حكمة الوضع. وتوضيحه : أنّه لا معنى لتعيّن الجنس المعرّف إلّا الإشارة إلى المعنى المتميّز ـ بماله من الحدود المميّزة له ـ عن المعاني المتصوّرة في الذهن ، فلو دلّت كلمة «أل» على تعيين مدخوله دلّت في الجنس المعرّف على المعنى المتميّز في الذهن ، فيكون التعيّن الذهنيّ مأخوذا في مدلوله. ولازمه أن لا يصدق الجنس المعرّف باللام بما هو معرّف على أفراده في الخارج إلّا بتجريده عن التعيّن الذهنيّ ، فكان اللازم على المتكلّم أن يتصرّف في مدلول الجنس المعرّف بالتجريد قبل الاستعمال ، وهذا ممنوع من جهات :
الأولى : «ومعه لا فائدة في التقييد» أي : إذا كان اللازم في مقام الاستعمال تجريد مدلول الجنس المعرّف عن التعيّن الذهنيّ فلا فائدة في تقييد مدلوله بالتعيّن الذهنيّ والقول بأنّ اللام تفيد التعيّن.
الثانية : «مع أنّ التأويل والتصرّف ...» أي : أنّ التصرّف في مدلول الجنس المعرّف بإلغاء قيد التعيّن الذهنيّ في مقام الانطباق على الأفراد غير خال عن التعسّف ، لأنّه خلاف ما هو الملموس عند العرف في باب الاستعمالات ، فإنّهم يحملون المعرّف بلام الجنس على أفراده من دون التصرّف.
الثالثة : «مضافا إلى أنّ الوضع ...» أي : قد عرفت أنّ المعنى المتميّز في الذهن من المعاني الّتي لا حاجة إلى تفهيمها ، بل لا بدّ في مقام الاستعمال من تجريده عن قيد التعيّن الذهنيّ. وعليه فوضع لفظ ـ كالجنس المعرّف باللام ـ لمعنى لا حاجة إلى تفهيمه خلاف حكمة الوضع.
ولا يخفى : أنّه كان الأولى أن يقول ـ مكان قوله : «ومعه لا فائدة ... كان لغوا» ـ : «وهو خلاف الحكمة والمتعارف في باب الاستعمالات. أمّا أنّه خلاف الحكمة : فلعدم الفائدة في التقييد حينئذ ، مضافا إلى أنّ الوضع لما لا حاجة إليه لغو. وأمّا أنّه خلاف المتعارف : فلأنّ التأويل والتصرّف في القضايا المتداولة في العرف غير ملموس».