قال : ونا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني سلمة بن شبيب ، حدّثني سهل بن عاصم ، عن محمّد بن أبي (١) منصور قال : قال صفوان بن سليم : أعطي الله عهدا أن لا أضع جنبي على فراش حتى ألحق بربّي ، قال : فبلغني أن صفوان عاش بعد ذلك أربعين سنة لم يضع جنبه ، فلما نزل به الموت قيل له : رحمك الله ، ألا تضجع؟ قال : ما وفيت لله بالعهد إذن ، قال : فأسند (٢) ، قال : فما زال كذلك حتى خرجت نفسه ، قال : ويقول أهل المدينة : إنه نقبت (٣) جبهته من كثرة السجود.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ـ شفاها ـ نا عبد العزيز بن أحمد ـ لفظا ـ أنبأ أبو الحسين الميداني ، [نا] أبو عبد الله محمّد بن عبد الله بن أبي الخطاب ، نا محمود بن محمّد الأديب ، حدّثني أبو بكر بن صدقة ، حدّثني أحمد بن يحيى الصوفي ، نا أبو غسّان النهدي ، قال : سمعت سفيان بن عيينة وأعانه على الحديث أخوه ، قال (٤) : حلف صفوان بن سليم أن لا يضع جنبه بالأرض (٥) حتى يلقى الله تعالى ، فمكث على ذلك أكثر من ثلاثين عاما ، فلما حضرته الوفاة واشتد به النزع والعلز (٦) وهو جالس ، فقالت ابنته : يا أبت لو وضعت جنبك الأرض ، فقال : يا بنية إذا ما وفّيت لله عزوجل بالنذر والحلف ، فمات ، فإنه لجالس.
قال سفيان : فأخبرني الحفّار الذي يحفر قبور أهل المدينة قال : حفرت قبر رجل فإذا أنا قد وضعت (٧) على قبر فوافيت جمجمة ، فإذا السجود قد أثّر في عظام الجبهة ، فقلت لإنسان : قبر من هذا؟ فقال : أوما تدري هذا قبر صفوان بن سليم.
أنبأنا أبو علي الحداد ، أنا أبو نعيم (٨) ، نا مخلد بن جعفر ، نا جعفر بن محمّد الفريابي ، نا أبو أمية ، نا يعقوب بن محمّد ، نا عبد العزيز بن أبي حازم ، قال : عادلني (٩)
__________________
(١) في تهذيب الكمال ٩ / ١١٣ وسير الأعلام ٥ / ٣٦٧ : محمد بن منصور.
(٢) عن تهذيب الكمال : «فأسند» وبالأصل : فاشتد.
(٣) عن تهذيب الكمال وبالأصل وسير الأعلام : بقيت.
(٤) الخبر بهذا الإسناد في تهذيب الكمال ٩ / ١١٣ وسير الأعلام ٥ / ٣٦٧.
(٥) عن المصدرين السابقين وبالأصل : الأرض.
(٦) العلز : القلق والكرب عند الموت ، وشبه رعدة تأخذ المريض (اللسان).
(٧) في المصدرين : وقعت.
(٨) حلية الأولياء ٣ / ١٥٨ وسير الأعلام ٥ / ٣٦٦ وتهذيب الكمال ٩ / ١١١.
(٩) عن المصادر السابقة ، وبالأصل : عاداني.