ثياب الجنة» (١) ثم كلّم سعد بن عبادة حسّان بن ثابت فقال : لا أكلّمك أبدا إن لم تذهب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فتقول كلّ حقّ لي قبل صفوان فهو لك يا رسول الله ، فأقبل حسّان في قومه حتى وقف بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله كلّ حقّ لي قبل صفوان بن معطل فهو لك يا رسول الله ، قال : «أحسنت وقبلت ذلك» وأعطاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم أرضا براحا (٢) وهي بيرحاء (٣) وما حولها ، وسيرين ، وأعطاه سعد بن عبادة حائطا كان يجدّ مالا كثيرا عوضا له مما عفا من حقّه.
قال أبو عبد الله الواقدي : فحدّث (٤) بهذا الحديث ابن أبي سبرة ، فقال : أخبرني سليمان بن سحيم ، عن نافع بن جبير أن حسّان بن ثابت حبس صفوان ، فلما برأ حسّان أرسل رسول الله صلىاللهعليهوسلم إليه فقال : «يا حسّان أحسن فيما أصابك» فقال : هو لك يا رسول الله ، فأعطاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم براحا وأعطاه سيرين عوضا [٥٢٠٩].
فحدّثني أفلح بن حميد ، عن أبيه قال : [ما](٥) كانت عائشة تذكر حسّان إلّا بخير ، ولقد سمعت عروة بن الزبير يوما يسبّه لما كان منه فقال : لا تسبه يا بني أليس هو الذي يقول (٦) :
فإنّ أبي ووالده وعرضي |
|
لعرض محمّد منكم وقاء |
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، حدّثنا محمّد بن سعد ، نا وهب بن جرير ، نا أبي قال : سمعت الحسن قال : لما قال حسّان بن ثابت في شأن عائشة ما قال ، خلف صفوان بن المعطّل لئن أنزل الله عذره ليضربن حسّان ضربة بالسيف ، فلما أنزل الله عذره ضرب حسّان على كفه بالسّيف فأخذه قومه ، فأتوا به وبحسّان إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فدفعوا
__________________
(١) عند الواقدي : كساه الله من حلل الجنة.
(٢) البراح : المتسع من الأرض ، لا زرع بها ولا شجر (القاموس المحيط).
(٣) بيرحاء ، ويقال : بيرحى ، وهي مال كانت لأبي طلحة بن سهل ، تصدق بها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم كما ذكر ابن إسحاق (سيرة ابن هشام ٣ / ٣١٩).
(٤) بالأصل : فحديث ، والصواب عن الواقدي.
(٥) زيادة لازمة عن الواقدي.
(٦) البيت في ديوان حسّان ط بيروت ص ٩ من قصيدة يمدح النبي صلىاللهعليهوسلم مطلعها :
عفت ذات الأصابع فالجواء |
|
إلى عذراء منزلها خلاء |