زيد بن عمرو بن نفيل ، يقال له أبو قيس خرجت إلى الشام أسأل عن دين إبراهيم فقيل لي هو وراءك ، فقال له زيد بن عمرو وقد استعرضت للشام والجزيرة ويهود يثرب ، فرأيت دينهم باطلا ، وإن الدين دين إبراهيم ، كان لا يشرك بالله شيئا ، ويصلّي إلى هذا البيت ، ولا يأكل ما ذبح لغير لله ، فكان أبو قيس يقول : ليس أحد على دين إبراهيم إلّا أنا وزيد بن عمرو بن نفيل ، فلما قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة وقد أسلمت الخزرج وطوائف من الأوس : بنو عبد الأشهل كلها ، وظفر (١) وحارثة ، ومعاوية ، وعمرو بن عوف إلا ما كان من أوس الله وهم وائل وبنو خطمة ، وواقف ، وأمية بن زيد مع أبي قيس بن الأسلت ، وكان رأسها وشاعرها وخطيبها ، وكان يقودهم في الحرب ، وكان قد كاد أن يسلم ، وذكر الحنيفية في شعره ، وكان يذكر صفة النبي صلىاللهعليهوسلم وما يخبره به يهود وأن مولده بمكة ومهاجره يثرب ، فقال [بعد](٢) أن بعث النبي صلىاللهعليهوسلم هذا النبي الذي بقي ، وهذه دار هجرته.
فلما كان وقعة بعاث شهدها وكان بين قدوم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ووقعة بعاث خمس سنين ، وكان يعرف بيثرب ، يقال له : الحنيف ، فقال : شعر يذكر الدين (٣) :
لو شاء (٤) ربنا كنّا يهودا |
|
وما دين اليهود بذي شكول |
ولو شاء (٥) ربنا كنّا نصارى |
|
مع الرهبان في جبل الخليل |
ولكنّا خلقنا إذ خلقنا |
|
حنيفا ديننا عن كل حبل |
نسوق الهدي نرسف مدعيات |
|
يكشف عن مناكبها الحبول (٦) |
فلما قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة قيل له : يا أبا قيس هذا صاحبك الذي كنت تصف ، قال : أجل ، قد بعث بالحقّ ، وجاء إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال له : إلام تدعو؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله» وذكر شرائع الإسلام فقال له أبو قيس : ما أحسن هذا وأجمله ، انظر في أمري ثم أعود إليك ، فكاد يسلم فلقيه
__________________
(١) تقرأ بالأصل : وطعن ، خطأ.
(٢) زيادة منا للإيضاح.
(٣) الأبيات في الوافي بالوفيات ١٦ / ٣٤٣.
(٤) في الوافي : فلولا.
(٥) في الوافي : «ولو لا ... الجليل».
(٦) كذا رسمها.