الصليبيين عن الشام إلا إذا رجع أمر المسلمين إلى ملك واحد ، وأنه إذا تقدم بجيشه قليلا بعد أخذه حلب يستولي على دمشق ، وينقذ الأمة من فوضى آل أتابك طغتكين وضعفهم، وكثر هجوم عماد الدين على حمص (٥٣٠) فتسلمها صاحب دمشق من أولاد قيرخان بن قراجه وعوضهم عنها تدمر ، فتابع عسكر زنكي بحلب وحماة الغارة على حمص لما رأوا خروجها إلى صاحب دمشق ، فأرسل هذا إلى عماد الدين في الصلح فاستقر بينهما. وكف عسكر عماد الدين عن حمص وحدثت فتنة بدمشق بين صاحبها والجند وعاد عماد الدين فنازل حمص (٥٣١) وبها صاحبها معين الدين أتسز فلم يظفر بها ، فرحل عنها إلى بعرين وحصر قلعتها وهي للفرنج وضيق عليها ، فجمع الفرنج ملوكهم ورجالهم وساروا إلى زنكي ليرحلوه عن بعرين ، فلما وصلوا إليه جرى بينهم قتال شديد فانهزمت الفرنج ، وعاود عماد الدين حصار الحصن فطلب الفرنج الأمان ، فقرر عليهم تسليم الحصن وخمسين ألف دينار فأجابوا إلى ذلك ، وكان زنكي مدة مقامه على حصار بعرين قد فتح من الفرنج المعرة وكفرطاب ، ومنع زنكي في هذه الوقعة عن الفرنج كل شيء حتى الأخبار ، فكان من بحصن بعرين منهم لا يعلم شيئا من الأخبار لشدة ضبط الطرق وهيبته على جنوده. وملك زنكي حصن المجدل (٥٣٢) وكان لصاحب دمشق ، ودخل مستحفظ بانياس إبراهيم بن طرغت تحت طاعته ، وسار إلى حمص وحصرها ثم رحل عنها إلى سلمية بسبب نزول ملك الروم على حلب ، ثم عاد إلى حمص فسلمت إليه المدينة وقلعتها ، وكان شرع أهل حلب في تحصينها وحفر خنادقها والتحصن من الروم بها ، وأغارت خيل الصليبيين على أطراف حلب، وتملكوا حصن بزاعه ثم نصبوا خيامهم على نهر قويق فخرجت إليهم فرقة وافرة من أحداث حلب فقاتلتهم وظفرت بهم ، ونهض سوار في عسكر حلب وأدرك الصليبيين في الأثارب ، فأوقع بهم وقهرهم ونزل ملك الروم هذه السنة (٥٣٢) على بزاعة وحاصرها حتى ملكها بالأمان وأسر من فيها ثم غدر بهم ، ونادى مناديه من تنصر فهو آمن ومن أبى فهو مقتول أو مأسور ، فتنصر منهم نحو أربعمائة إنسان منهم القاضي والشهود ثم رحل عنها إلى شيزر وترك فيها واليا يحفظها مع جماعة وأقام عشرة أيام يدخن على مغارات اختفى فيها جماعة فهلكوا بالدخان وكان سكان بزاعة خمسة آلاف وثمانمائة نسمة ، وعاد زنكي وحاصرها حتى ملكها وخرب الحصن والبلد عامر. وفي