ولو تمكنوا من دمشق لمحوا آثارها وأنسوا أخبارها ، وأن ملكها يومئذ صاهر صاحب قبرس ليتقوى به.
ولم يتعرض عسكر هولاكو الى قتل ولا نهب وعصت قلعة دمشق عليه فحاصرها التتر، وجرى على أهل دمشق بسبب عصيان القلعة شدة عظيمة ، ثم تسلموا القلعة بالأمان ونهبوا جميع ما فيها ، وجدوا في خراب أسوار القلعة وإعدام ما بها من الزردخانات والآلات ، ثم توجهوا إلى بعلبك ونازلوا قلعتها وأخذوا نابلس بالسيف وتسلموا قلعة عجلون واستولوا على قلاع الصلت وعجلون وصرخد وبصرى والصبيبة وهدموها ووقعوا على العرب عند زيزاء وحسبان فهزموهم ، وغنموا أولادهم ونساءهم وأنعامهم واستاقوا الجميع ، وهرب سلطان تلك الأرجاء الناصر يوسف بن محمد إلى البراري فساقوا خلفه وأخذوه ثم قتلوه. واستولى التتر من أرض الفرنج على صيدا ونهبوها وأسروا منها ثلاثمائة أسير. وعاثوا في حوران ونابلس وبلغت غاراتهم غزة وبيت جبريل والخليل والصلت وما إليها وجاءوا بالأسرى إلى دمشق فمنهم من افتدى نفسه ومنهم من هرب.
وظل التتر يتنقلون في الشام حتى فتحوه إلى غزة واستقرت شحائنهم فيه لأن الناصر صاحب دمشق لما بلغه أخذ حلب رحل من دمشق في عسكره إلى الديار المصرية وفي صحبته المنصور صاحب حماة ، فلما رأى كبراء حماة تخلي ملكهم عنهم توجهوا إلى حلب ومعهم مفاتيح بلدهم وحملوها إلى هولاكو وطلبوا منه الأمان لأهل حماة وشحنة تكون عندهم فأمنهم هولاكو وأرسل إلى حماة شحنة رجلا أعجميا اسمه خسروشاه فقدم حماة وأمن الرعية. واستولى التتر (٦٥٨) على ميافارقين بعد أن حاصروها سنتين حتى فنيت أزوادهم وفني أهلها بالوباء والقتل فقتلوا صاحبها الكامل محمد بن المظفر ابن العادل أبي بكر بن أيوب وحملوا رأسه على رمح وطافوا به في الأرجاء فمروا بحلب وحماة ودمشق بالمغاني والطبول وعلقوه في شبكة بسور باب الفراديس إلى أن عادت دمشق إلى المسلمين.
قال الذهبي : إن نصارى دمشق شمخت أثناء مجيء هولاكو إلى البلاد ورفعوا الصليب في البلد وألزموا الناس بالقيام له من الحوانيت ، ونقضوا العهد