الملك العادل كتبغا ومعه فريق من الأمراء فهرب كتبغا إلى دمشق ودخل قلعتها واهتم في جمع العساكر والتأهب لقتال لاجين فلم يوافقه عسكر دمشق ورأى منهم التخاذل فخلع نفسه من السلطنة وأرسل إلى لاجين يطلب منه الأمان وموضعا يأوي إليه فأعطاه صرخد. وأما حسام الدين لاجين فإنه لما هزم العادل كتبغا نزل بدهليزه على نهر العوجا واجتمع معه الأمراء الذين وافقوه على ذلك ، وشرطوا عليه شروطا التزمها ، منها أن لا ينفرد عنهم برأي ولا يسلط مماليكه عليهم كما فعل بهم كتبغا. فأجابهم لاجين إلى ذلك وحلف لهم فعند ذلك حلفوا له وبايعوه بالسلطنة ولقب بالملك المنصور حسام الدين لاجين المنصوري ، ورحل بالعساكر إلى الديار المصرية ، وأرسل إلى دمشق سيف الدين قبجق المنصوري وجعله نائب السلطنة بالشام.
ومن أهم ما وقع من الحوادث في عهد هذا الملك دخول غازان من أحفاد هولاكو (٦٩٦) دمشق ثم ارتجاعه عنها بعد أن بذل له أهلها مالا عظيما. ثم تجريد السلطان العسكر الكثيف من مصر والشام (٦٩٧) لشن الغارات على سيس فضاقت على الأرمن الأرض بما رحبت وهلكوا من كثرة ما قتل المسلمون منهم ، وغنموا حتى اضطر ملكهم أن يبذل الطاعة لصاحب مصر والشام ، والإجابة إلى ما يرسم به سلطان الإسلام ، وإلى الاعتراف بأنه نائب السلطان في بلاده فطلب منه العسكر أن يكون نهر جيحان حدا بين المسلمين والأرمن ، وأن يسلم كل ما هو جنوبي نهر جيحان من الحصون والمدن ، فأجاب عظيمهم إلى ذلك وأخذ حموص وتل حمدون وسرفندكار ومرعش وحجر شغلان وغيرها من الحصون والقلاع. وفي سنة ٦٩٧ أيضا وفد أحد مقدمي المغول إلى المنصور لاجين وطلب نجدة ليعود إلى الروم فجرد معهم من حلب عسكرا مقدمهم بكتمر الجلمي ، وساروا مع المقدم سلامش المغولي حتى تجاوزوا بلد سيس فخرجت عليهم التتر واقتتلوا معهم ، فقتل الجلمي وجماعة من العسكر الإسلامي وهرب الباقون.
وفي سنة (٦٩٨) وحشت نفوس الدولة مما يأتيه منكوتمر من إمساك الكبار وسقي بعضهم ، وذهب نائب دمشق قبجق بالعساكر فنزلوا بأرض حمص وهناك بكتمر السلحدار بطائفة من المصريين فتكلموا في مصلحتهم ، وأن