السلطان ثلاث قلاع وهي : بهسنى ومرعش وتل حمدون. وكانت بهسنى قلعة حصينة في فم الدربند وباب حلب ، فلما انتقلت من أيدي المسلمين إلى أيدي الأرمن وقت مجيء التتر كان منها على المسلمين أذى ، فلما فتح السلطان قلعة الروم وأخذ خليفة الأرمن حصل للأرمن خوف عظيم فصانعوا عن أنفسهم بهذه القلاع. قال مغلطاي : ورسم السلطان في هذه السنة للأمير عز الدين الأفرم بأن يسافر إلى الشوبك وأن يخرب قلعتها فراجعه في إبقائها فنهره فسافر وأخربها وكان هذا غاية الخطإ وسوء التدبير فإن هذا الملك كان طالعه يقتضي الخراب فإنه أخرب في قلعة الجبل أكثر بنيانها ، وكذلك في قلعة دمشق أخرب قاعات كثيرة وبظاهر دمشق من حد الميدان إلى تحت القلعة ، وكان على يده خراب جميع الساحل وتعطلت بلاده من جميع الأصناف التي تجلب من البحر وبقيت الشام معطلة. قلنا: ولكن هذا السلطان وأبوه دفعا الصليبيين عن القطر واجتثا أصولهم وفروعهم وأدخلاه في عهدهما في دور عز وقوة ووحدة حقيقية. واتسعت مملكة قلاوون حتى خطب باسمه في إفريقية (تونس) قال ابن إياس : وكان من أجل الملوك قدرا وأعظمهم نهيا وأمرا وأكثرهم معروفا وبرا ، وقد جبلت القلوب على محبته سرا وجهرا اه. وقد خلف آثارا مهمة ومصانع خالدة في مصر وبعض الشام تدل على ذوق وحسن هندسة ، وتسلسل الملك في أولاده وأحفاده لأن الرعية كانت تحبه فأحبت آل بيته ، وخفت وطأة المماليك في أيامه ثم عادت تدريجيا إلى القوة والعرامة.
اغتيل (٦٩٣) الأشرف صلاح الدين خليل بيد بعض أعيان الدولة بمصر واتفق قاتلوه على سلطنة بيدرا وتلقب بالقاهر ، ثم اتفق الحزب القوي منهم فبايعوا للناصر ولد المنصور ثم تغلب (٦٩٤) زين الدين كتبغا نائب السلطنة على سرير المملكة ، واستحلف الناس على ذلك وخطب له بمصر والشام ، ونقشت السكة باسمه وجعل الناصر في قلعة الجبل وحجب الناس عنه فتزعزعت أعصاب المملكة لهذه الحوادث المشئومة التي تورث النفوس كآبة وأعمال الناس فتورا.
ولما عاد العادل كتبغا من دمشق إلى مصر بالعساكر (٦٩٦) ووصل إلى نهر العوجا تفرقت مماليكه وغيرهم فركب حسام الدين لاجين المنصوري نائب