فيه من الضنك والشدة قبل قدوم هذا الجند إليهم وقال : إن هذه الفتن وقعت سنة (١١٧٠) وأرسل عبد الله باشا الشجي واليا ليرفع الحيف عن الدمشقيين ويعيد الأمن إلى طريق الحج ، واشتبك القتال كما تقدم بين القبوقول والإنكشارية ثم فرّ الإنكشارية طالبين البراري والقفار فتبعهم نفر من الجند وقتلوا منهم عددا ، ثم إن الجند أخذ في قتل من يراه كائنا من كان وشرعوا في النهب والسلب فانتهبوا معظم المنازل والحوانيت من الحقلة إلى باب الجابية ، والجند يأتون بالرؤوس إلى الوزير ، فقتل من الرعايا على هذه الحال عدد كثير وانتهب المال والمتاع ، وظلم رئيسهم وحواشيه واختطفت النساء والغلمان جهارا من غير مدافع ، والجند يقولون إن جميع الدمشقيين كفرة وإنهم قوم يزيد. قال الشهابي في دخول والي دمشق الجديد إلى المدينة : إنه كان مع الشتجي ثلاثة عشر ألف رجل فاجتمعت أهالي دمشق إلى الميدان ليمنعوه من الدخول فدهمهم ليلا وقتل منهم مقتلة عظيمة.
وفي سنة (١١٦٣) حصل بين سعد الدين باشا العظم وبين أهل حلب وحشة فرحل عنها جرداويا «وكان عرض عليه منصب حوران فاستعفى من ذلك لأنه لم يتول هذه الإيالة في الدولة العثمانية أحد استقلالا لقلة دخلها ووفرة خرجها فولوه طرابلس جرداويا لأخيه أسعد باشا الوزير فأقام جرداويا فيها وفي صيدا وحلب اثنتي عشرة سنة» روى الشهابي في حوادث سنة (١١٧١) أنه وقعت شرور كثيرة بين انكشارية دمشق والقبوقول وكانت دروز الجبل تعين الإنكشارية في القتال فانتصروا وحاصرت القبوقول في القلعة وجرى بينهم أربع وقائع ، والإنكشارية تنتصر بإمداد الدروز ، ثم وقعت الفتنة بين عسكر الباشا وعسكر الإنكشارية فانكسر عسكر الوزير وخرج الإنكشارية من دمشق نحو ألف فارس ووقع القتال بين أهل البلد وعسكر الوزير فقتل من أهل البلد نحو مائة قتيل ثم نادى الباشا بالأمان.
وعدد ابن بدير كثيرا من مظالم الدفتردار فتحي أفندي ومما قال : إن الأهلين لما ضاقوا به ذرعا استعدوا الباب العالي فأعداهم فأحضر إلى العاصمة ليمثل بين يدي السلطان ، فأخذ يمنح المنائح لأرباب المظاهر حتى أدخلوا على السلطان شخصا آخر بدلا منه وأوهموه أنه هو المشتكى منه فأمر