وذكر المرادي أنه كان مع محمد بك أبي الذهب تسعة ألوية وخمسة من أولاد الظاهر أمير بلدة عكا ومشايخ المتاولة والصفدية ونحو ثمانين مدفعا وأربعون ألف مقاتل ، وعينت الدولة لقتاله والي حلب ووالي كليس ووالي طرابلس فخرجوا مع وزير دمشق بالعساكر الشامية والأجناد ، وصارت المعركة في سهل داريا وفي أقل من ساعة انكسر العسكر الدمشقي وفرهاربا كل من والي كليس ، والي حلب وعساكرهما ، وقتل منهم شرذمة قليلة وثبت كافل دمشق عثمان باشا وولده محمد باشا والعساكر الدمشقية ودام القتال ثلاثة أيام ، وفر أعيان البلد إلى حماة واستولى الفزع على الناس ، وغص الجامع الأموي بأهالي القرى فنزلوا بأهلهم وأمتعتهم ومواشيهم إليه. ولما عاد أبو الذهب عن دمشق رجع عثمان باشا وولده محمد باشا ورئيس «اليرلية» يوسف أغا جبري من جبل الدروز ومعه خمسة آلاف درزي وبعد مدة ضرب عثمان باشا عنق ابن جبري ، لأنه كان السبب في تقوية الدولة المصرية على العساكر الشامية طمعا في قتل عثمان باشا وصيرورته مكانه كافلا بدمشق.
عاد أبو الذهب إلى مصر ورجع إلى دمشق عثمان باشا وحضر إليه الأمير يوسف الشهابي لأنه كان قد أرسل إليه نائبه يوسف أغا جبري يستنجده ، وكان الأمير يوسف قد جمع عسكرا وتجهز للمسير فاتفق قيام أبي الذهب عند ذلك. ولما فرغ بال عثمان باشا وقتل نائبه يوسف أغا جبري رئيس الأنكشارية ونهب أمواله أقام مكانه رجلا من أهل دمشق يقال له عثمان آغا شبيب ، ثم خرج بعسكر عظيم إلى أرض الحولة يريد قتال الشيخ ظاهر العمر والمتاولة الذين كانوا السبب في تلك الفتنة فجمع ظاهر العمر رجاله واجتمعت المتاولة وكبسوا عثمان باشا في الليل فذعرت عساكره وقتل منهم خلق كثير. وهزمهم الشيخ ظاهر وما زال في إثرهم حتى وصلوا إلى بحيرة الحولة فألقى كثير منهم أنفسهم في البحيرة وماتوا غرقا. وهرب عثمان باشا بنفر قليل فاستولى ظاهر العمر والمتاولة على أسبابه. وكتب الشيخ ظاهر إلى الأقاليم الشامية ودخل الناس كافة في طاعته. فخرج علي بك من مصر فالتقاه ظاهر العمر بالإكرام ودخل به إلى عكا فأرسل كتبا منه (١١٨٥) ومن الشيخ ظاهر العمر إلى ملكة المسكوب يسألانها معاضدتهما على الدولة العثمانية ، وأن ترسل