الدين بدمشق فقصد الكرك وأقام عليها ، ففرق صاحب الكرك جموعه وانقطع عزمه عن الحركة. وفي هذه السنة توفي الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين وعمره نحو ١٩ سنة وأوصى بملك حلب الى ابن عمه عز الدين مسعود صاحب الموصل فسار إليها بعد موت الصالح ومعه مجاهد الدين قيماز واستقر في ملكها فكاتبه أخوه زنكي بن مودود صاحب سنجار على أن يعطيه حلب ويأخذ سنجار وأشار قيماز بذلك فأجاب وعاد الى الموصل.
قال ابن الاثير : إن بعضهم قال للملك الصالح وهو يوصي بالملك بعده : إن عماد الدين ابن عمك أيضا وهو زوج أختك وكان والدك يحبه ويؤثره وهو تولى تربيته وليس له غير سنجار فلو أعطيته البلد (حلب) لكان أصلح ولعز الدين من الفرات إلى همذان ولا حاجة به إلى بلدك فقال له : إن هذا لم يغب عني ولكن قد علمتم أن صلاح الدين قد تغلب على عامة الشام سوى ما بيدي ، ومتى سلمت حلب إلى عماد الدين فعجز عن حفظها ملكها صلاح الدين ولم يبق لأهلنا معه مقام ، وإن سلمتها إلى عز الدين أمكنه حفظها بكثرة عساكره وأرضه فاستحسنو قوله وعجبوا من جودة فطنته مع شدة مرضه وصغر سنه.
وفي سنة (٥٧٨) قصد صلاح الدين الشام من مصر وأغار في طريقه على الفرنج وغنم ، واجتمع الفرنج قرب الكرك ليكونوا على طريقه لما سار ، فانتهز فرخشاه نائب صلاح الدين بدمشق الفرصة وفتح بعسكر الشام الشقيف وأغار على ما يجاوره وفتح دبورية وجاء إلى شقيف «حبس جلدك» بالسواد من أعمال طبرية وهو حصن يشرف على أرض المسلمين ففتحه. ونزل صلاح الدين قرب طبرية وشن الغارات على بيسان وجنين واللجون والغور من مملكة الفرنج حتى بلغت عساكره مرج عكا فغنم وقتل وحصر بيروت وأغار على تلك الأرجاء ونهب بلدها وكان قد أمر الأسطول المصري بالمجيء في البحر إليها فساروا ونازلوها وأغاروا عليها وعلى بلدها ، وكان عازما على ملازمتها إلى أن يفتحها فأتاه الخبر وهو عليها أن البحر قد ألقى إلى دمياط بطسة للفرنج فيها جمع عظيم منهم كانوا قد خرجوا لزيارة بيت المقدس فأسروا من بها بعد أن غرق منهم كثير ، فكان عدة الأسرى ١٦٧٦ أسيرا. ثم عبر السلطان الفرات إلى البيرة فصار معه مظفر الدين كوك بوري صاحب حران واستمال ملوك الأطراف فصار معه نور الدين محمد بن