هذا وبقايا الصليبيين لم تبرح نازلة في عكا وصور وطرابلس ، ومن حسن الطالع أنهم لم يتحركوا للفتنة طول هذه المدة سوى مرة واحدة (٥٩٣) وقد وصل جمع عظيم منهم إلى الساحل واستولوا على قلعة بيروت ، فسار العادل ونزل بتل العجول ، وأتته النجدة من مصر ووصل إليه سنقر الكبير من القدس وميمون القصري من نابلس ، ثم سار العادل إلى يافا وهجمها وملكها بالسيف وخربها وقتل المقاتلة ، وكان هذا الفتح ثالث فتح لها. وخرب صيدا أيضا ونازلت الفرنج تبنين فأرسل العادل إلى العزيز صاحب مصر فسار العزيز بنفسه بمن بقي عنده من عساكر مصر ، واجتمع بعمه العادل على تبنين فرحل الفرنج إلى صور ثم عاد العزيز إلى مصر وترك غالب العسكر مع عمه العادل وجعل إليه أمر الحرب والصلح ، فطاول العادل الفرنج فطلبوا الهدنة واستقرت بينهم ثلاث سنين ورجع إلى دمشق.
ومن الأحداث على عهد العادل بعد أن صفا له ملك الشام ومصر وخضع أبناء أخيه صلاح الدين له ظاهرا وإن لم يخضعوا باطنا ، حصار ابنه الأشرف ماردين وسعى الظاهر (٥٩٩) في الصلح ، فأجاب العادل إلى أن يحمل إليه صاحب ماردين مائة وخمسين ألف دينار ويخطب له ببلاده ويضرب السكة باسمه ، ويكون بخدمته متى طلبه ، فأجيب إلى ذلك. وسار المنصور صاحب حماة إلى بعرين مرابطا للفرنج ، وكتب العادل إلى أميري بعلبك وحمص بإنجاده فأنجداه ، واجتمعت الفرنج من حصن الأكراد وطرابلس وغيرهما وقصدوا المنصور ببعرين واتقعوا معه ، فانهزم الفرنج ثم خرج الاسبتار من حصن الأكراد والمرقب ، وانضم إليهم جموع من الساحل والتقوا مع المنصور وهو على بعرين فانتصر عليهم ثانيا ، وأسر منهم عدة كثيرة وهادنهم (٦٠٠) وأرسل العادل وانتزع ما كان بيد الأفضل وهي رأس عين وسروج وقلعة نجم ولم يترك بيده غير سميساط وتوسلوا إليه في إبقاء ما كان بيده فلم يجب إلى ذلك.
وخرج الفرنج (٦٠٠) لقصد بيت المقدس فهرع العادل من دمشق ونزل على الطور وجرت الهدنة بينه وبينهم وسلم إلى الفرنج يافا والناصرة ونزل عن مناصفات لدّ والرملة. جاءت الفرنج (٦٠١) إلى حماة بغتة وأخذوا النساء