في أن يقدم إلى عكا ليشغل أخاه المعظم عما هو فيه ، ووعد الأنبرور أن يعطيه القدس ، فسار الأنبرور إلى عكا فبلغ المعظم ذلك فكاتب أخاه الأشرف واستعطفه.
قال ابن الأثير : إن الكامل لما سار من مصر إلى دمشق خاف المعظم أن يأخذ دمشق منه ، فأرسل إلى أخيه الأشرف يستنجده فسار إليه جريدة فدخل دمشق ، فلما سمع الكامل بذلك لم يتقدم إليه لأن البلد منيع وقد صار به من يمنعه ويحميه ، وأرسل إليه الأشرف يستعطفه ويعرفه أنه ما جاء إلى دمشق إلا طاعة وموافقة لأغراضه والاتفاق معه على قتال الفرنج فأعاد الكامل الجواب يقول : إنني ما جئت إلى هذه البلاد إلا بسبب الفرنج فإنهم لم يكن في البلاد من يمنعهم عما يريدونه ، وقد عمروا صيدا وبعض قيسارية ولم يمنعوا ، وأنت تعلم أن عمنا السلطان صلاح الدين فتح البيت المقدس فصار لنا بذلك الذكر الجميل على تقضي الأعصار وممر الأيام فإن أخذه الفرنج حصل لنا من سوء الذكر وقبح الأحدوثة ما يناقض ذلك الذكر الجميل الذي ادخره عمنا ، وأي وجه يبقى لنا عند الناس وعند الله تعالى ، ثم ما يقنعون حينئذ بما أخذوه ويتعدون إلى غيره ، وحيث قد حضرت أنت فأنا أعود إلى مصر واحفظ أنت البلاد ، ولست بالذي يقال عني أني قاتلت أخي أو حصرته حاشا لله تعالى ، وتأخر عن نابلس إلى الديار المصرية.
وانتزع هذه السنة الأتابك طغريل الشغر وبكاس من الصالح أحمد بن الملك الظاهر ، وعوضه عنها بعينتاب والراوندان وفيها توفي المعظم عيسى ابن العادل ، وكان شجاعا عالما وعسكره في غاية التجمل ، يجامل أخاه الكامل ويخطب له ولا يذكر اسمه معه ولا يحب التكلف والعظمة. ذكر سبط ابن الجوزي أن المعظم كان في أيام الفتح من الفرنج يرتب النيران على الجبال من باب نابلس إلى عكا وعلى عكا جبل قريب منها يقال له الكرمل كان عليه المنورون وبينهم وبين الجواسيس علامات ، وكان له في عكا أصحاب أخبار وأكثرهم نساء الخيالة فكانت طاقاتهم في قبالة الكرمل ، فإذا عزم الفرنج على الغارة فتحت المرأة الطاقة ، فإن كان يخرج مائة فارس أوقدت المرأة شمعة واحدة ، وإن كانوا مائتين شمعتين، وإن كانوا يريدون قصد