كانت من الثبوت والشيوع والقوة ، بحيث أنها قد فرضت نفسها فرضاً على دولة الخلافة وعلى كافة علمائها ، وتعذر تجاهلها أو إنكارها ، لأنها شقت طريقها بيسر وسهولة إلى أسماع المسلمين وقلوبهم ، ولم يكن بوسع دولة الخلافة ، ولا بوسع علمائها أن يتجاهلوا قوة هذا التيار الغلاب ، فأذعنوا أمام قوة الحقيقة الدينية ، وأخرجوا الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر ، ودونوها في صحاحهم ومسانيدهم ومؤلفاتهم ، واعتبروها معلومات عن الغيب ، وحقائق دينية صادرة بالفعل عن الصادق المجرب الذي لا ينطق عن الهوى.
ممن أخرج الأحاديث
المتعلقة بالمهدي
١ ـ أصحاب كتب الحديث المعروفة بالصحاح الستة : البخاري ، ذكر المهدي بالوصف لا بالاسم ، وأخرج الأحاديث المتعلقة بعلامات الظهور ، وبنزول السيد المسيح ، وظهور المسيح الدجال ، وأخرج الحديث الذي يؤكد بأن إمام الأمة هو الذي سيؤم المسيح ابن مريم عند نزوله ، وشراح صحيح البخاري أعلنوا بصراحة بأن الإمام الذي عناه البخاري هو المهدي المنتظر. [ راجع فتح الباري ج ٦ ص ٣٨٣ ـ ٣٨٥ ، وعمدة القاري ج ١٦ ص ٣٩ ـ ٤٠ المجلد الثامن ، وفيض الباري ج ٤ ص ٤٤ ـ ٤٧ ، وحاشية البدر الساري ج ٤ ص ٣٣ ـ ٤٧ ، والمهدي المنتظر في الفكر الإسلامي ١٤٠ ـ ١٤٣ ].
ويبدو أن البخاري قد تحاشى ذكر المهدي بالاسم لأنه عندما وضع صحيحه ، كانت فرائص الدولة ترجف رعباً من هذا المهدي ، وتبحث عنه بعد أن تأكدت مخابراتها بأنه قد ولد بالفعل.
كذلك ذكر مسلم في صحيحه المهدي بالوصف لا بالاسم ، لأن مسلم قد وضع صحيحه بنفس الفترة الزمنية ، ومع هذا فقد ذكر ابن حجر الهيثمي ، [ راجع في الصواعق المحرقة الفصل ١١ ، والمتقي الهندي في كنز العمال ج ١٤ ص ٢٦٤ ، حديث ٣٨٦٦٢ ، ومحمد على الصبان في إسعاف الراغبين ص ١٤٥ ، والشيخ حسن العدوي المالكي في مشارق الأنوار ] ، أن مسلم قد ذكر في صحيحه