في ما بعد على حل عرى الإسلام كلها وعلى اقتراف كل ما حذرهم الرسول من اقترافه ، وعلى رفع الإسلام عملياً من واقع الحياة ، ولم يبقوا منه غير القشور والشكليات اللازمة لبقاء ، وتوسيع رقعة مملكة الخليفة!!
الجهد النبوي المكثف
باختصار شديد لقد اعلن الرسول ما أوحى اليه ، وبلغ كافة التحذيرات الإلهية بكل وسائل الإعلان وطرق التبليغ والبيان ، فرسم صورة كلية وتفصيلية لوقائع المستقبل ، وعلم الامة وقيادتها وأفرادها فيه وبين لكل واحد من أصحاب التأثير والخطر دوره وأفعاله وطلب منه أن يحذر وأن لا يفعل ما ينوي فعله ، ثم بين للجماعات ما تنوي فعله مستقبلاً حذرها من فعله ، ثم بين للمسلمين جيمعاً بأن هذه الأفعال ستقع ذات يوم ، ومن واجبهم أن يستعدوا له ، وان يحولوا بكل الوسائل دون وقوعها فلا ينبغي ان يخرج الحق من أهله ، ولا ينبغي ان يقتل اعداء الله أهل بيت النبوة ولا ينبغي أن يشردوا أو يطردوا ، وإنه من العار أن يقتل أعداء الله أهل بيت النبوة ، ولا ينبغي أن يشردوا أو يطردوا ، وإنه من العار أن يقتل ابن النبي بين المسلمين ولا ينصره أحد ، ويبکي النبي بکاء ترق له الحجارة الصلداء ويحاول وبکل الوسائل أن يضفي على تحذيراته طابع الجدية ، وأن يقنع الناس بأن ما أخبرهم به من أنباء الغيب قد أوحيت إليه من ربه لأنه لا يعلم الغيب ، وليس له ولغيره أن يتقول على الله ما لم يوحى به اليه ، وبين لهم الرسول بأنهم إن لم يسمعوا منه ، فإن عرى الإسلام ستحل كلها ، وستعود الجاهلية ، ولكن بثوب الإسلام ، ولن يبقى من الإسلام الا إسمه ورسمه والأنكى بأن مقاليد الأمور ستؤول إلى أعداء الله الذين حاربوا الله ورسوله بالأمس بكل وسائل الحرب ، وهم جبابرة ظلمة لا يرعون في مؤمن إلاّ ولا ذمة ، فاذا آلت مقاليد الأمور اليهم ، فانهم سيفعلون فعل فرعون ، فيقتلون أبناء الذين آمنوا ، ويستحيون نساءهم ، ويأخذون أموالهم ، ويسومونهم سوء العذاب ...
إن الجهد المكثف الذي بذله الرسول ليجنب الأمة مخاطر الوقوع بين مخالب أئمة الضلالة ، ومخاطر الخروج من دائرة الشرعية الإلهية لم يبذله نبي أو رسول قط. لقد خاض في هذه الناحية معركة حقيقية وبذل فيها من الجهد والعناء ، ما