تواريخهم ، أو سيرهم أو مؤلفاتهم ؛ إنها انطلاقة عظيمة لأحياء كل ما وأدته دولة الخلافة عبر تاريخها السياسي الطويل!!
ومن الطبيعي أن تعترض هذه الانطلافة الکبرى معوقات کبرى أيضاً فظهر الكذابون الذين تعمدوا الكذب على رسول الله ، إما تأييد لتاريخ قد استقر ، أو دفاعاً عما تهوى الأنفس ، أو نكاية وإرغاما لأنف خصم ، وقد يكون الكذب لصالح الرسول كما زعم بعضهم حيث قالوا : « إننا لا نكذب على الرسول إنما نُكذب له » وبرع بعض الرواة بالرواية كماً وكيفاً وخلطوا فهمهم لما سمعوه من الرسول ، بأرائهم الشخصية ، وسوَّقوا الاثنين معاً فإما ان ترفضهما معا أو تقبلهما معاً!!
ومع هذا فقد تمخضت تلك الانطلاقة الکبرى عن ثروة علمية عظمى ، تجد فيها الجزء الاعظم من الحقيقة ، التي تطمئن بها القلوب. لكن لا أحد من علماء دولة الخلافة قد أدعى بأن ما أخرجه من الأحاديث هو عين ما صدر عن رسول الله باللفظ والمعني ، بلا زيادة ولا نقصان والأحاديث التي وصلتنا عن النبي بهذا الوصف : « لفظاً ومعنى ، وبلا زيادة أو نقصان » أندر من النادر!! وهكذا ألحقت دولة الخلافة بالعالم والعلم خسارة فادحة عندما منعت رواية وكتابة أحاديث الرسول ، بالوقت الذي أجازت فيه رواية وكتابة حتى الخرافات والأساطير ، ولولا جهود العالم لضاع الأثر والعين معاً ولكن الله غالب على امره.
وتمخضت تلك الانطلاقة الکبرى عن تدوين الكم الهائل من الأحاديث في مجموعة كبيرة من كتب الحديث أبرزها عند أهل السنة ستة كتب عُرفت بالصحاح وهي : « صحيح البخاري ، وصحيح مسلم ، وسنن أبي داود ، وسنن ابن ماجة ، وسنن الترمذي ، وسنن النسائي » ، ومنهم من يقدم سنن الدارمي على سنن النسائي ، بالإضافة إلى المستدركات على هذه الصحاح ، ومجموعة من المسانيد.
أهل البيت بما ورثوه من علمي النبوة والکتاب ، وبما خصهم الله به من مكانة ، لا ترقى إليها مكانة ، وبما أسند أليهم من وظائف وتكاليف شرعية ، على يقين تام ومطلق بعمق الارتباط والتكامل والتعاضد بين كتاب الله القرآن الكريم