وصاروا رعايا ومحكومين ، لا تقدم مواقفهم ولا تؤخر مع إجماع أغلبية ساحقة ، أما الذين قاوموا النبي والنبوة قبل الهجرة وحاربوا النبي بعد الهجرة ، وجهلوا أحكام الدين فقد غلبوا بعد وفاة النبي ، وتسلموا بالقوة أو بالعهد والتسلل مقاليد الدولة ، فصاروا هم السادة والحكام والأساتذة وأصحاب الكلمة المسموعة ، لأن بيدهم النفوذ والجاه والمال والسلطة ، ومؤهلهم الوحيد هو القوة. تلك حقيقة لا يماري فيها إلا جاهل ، أو متجاهل أو عابد هواه.
وتحقق ما حذر منه النبي
وتفكك الإسلام وحلت كافة عراه!!!
بيّّنا بأن رسول الله وقبل أن ينتقل إلى جوار ربه ، حذر المسلمين وبأنهم إن لم يلتزموا بما أمرهم به ، فإن الإسلام سيتفكك ، وستحل عراه عروة بعد عروة ، فكلما انقضت عروة تثبت الناس بالتي تليها ، وأن أول عرى الإسلام نقضاً الحكم ، وآخرها نقضاً الصلاة. [ رواه أحمد وابن حبان في صحيحه ، والحاكم في مستدركه ، راجع كنز العمال ج ١ ص ٢٣٨ ].
وكرر النبي التحذير في مناسبات متعددة ، وأطلعهم على ما هو كائن وبالتصوير الحي البطيء ، وأحيط الجميع علماً بما حذر منه الرسول ، وقامت الحجة على الجميع. ولخص الرسول الموقف للجميع ، وأكد هذا التلخيص بكل وسائل التأكيد ، وبيّنه وبكل طرق البيان ، وحذر المسلمين بأنهم لن ينجوا ولن يهتدوا ، ولن يتجنبوا الضلالة من بعده ، إلا إذا تمسكوا بالثقلين كتاب الله ، وعترة النبي أهل بيته.
ثم بعد ذلك مرض النبي ، وكان ما كان ، فما أن مرض النبي حتى تنكرت له الأكثرية الساحقة رغبة أو رهبة ، وقالوا له وجهاً لوجه : « أنت تهجر!! والقرآن وحده يكفينا ، ولسنا بحاجة لوصيتك »!! بل والأعظم من ذلك أن هذه الأكثرية بعد أن استولت على مقاليد الحكم منعت رواية وكتابة احاديث رسول الله منعاً باتاً ، ورفعت شعار « حسبنا كتاب الله »!! وصارت رواية أحاديث الرسول من الجرائم الكبرى التي يستحق مرتكبها القتل ، فكان حذيفة يقول : « لو كنت على شاطىء