مع الأمر الإلهي بتأميرهم وإمامتهم ، وأن رسول الله قد بلغ ما أوحى إليه من ربه ، فأعلن الأمر الإلهي بإمارتهم ، وسماهم بأسمائهم ، وتسعة منهم يومذاك لم يولدوا بعد ، وحدد زمن إمامة كل واحد منهم ، وأمر المسلمين أن يسمعوا لهم ويطيعوا واعتبر القرآن هو الثقل الأكبر ، وأئمة أهل بيت النبوة هم الثقل الأصغر ، فإن لم يكن الأئمة الأعلام من أهل بيت النبوة هم الثقل الأصغر الذي عناه رسول الله ، فمن عساه أن يكون!! ولكن المسلمين لم يسمعوا ولم يطيعوا ، لأنهم غُلبوا على أمرهم ، فعرفوا الحق بقلوبهم ، ولم تَقْوَ ألسنتهم وأيديهم على تغيير النقيض المفروض بالقوة والتغلب.
وما يعنينا أن شيعة أهل بيت النبوة المخلصين الذين تتلمذوا على يد الأئمة الأعلام وقالوا برئاستهم ، يعتبرون الأمام المهدي المنتظر هو الإمام الثاني عشر من الأئمة الذين أختارهم الله ، وسماهم الرسول بأسمائهم وحدد زمن إمامة كل واحد منهم ، وهم موقنون أن الإمام المهدي موجود الآن بالفعل وسيظهر حتماً باللحظة التي أمره بها الله ، ووقت ظهوره كالساعة علمه عند الله وحده ، وهم يعتبرون هذا الاعتقاد جزءاً لا يتجزأ من عقيدتهم الدينية الإسلامية ، والسمة البارزة المميزة لمذهبهم من دون المذاهب ، فمن لا يعتقد بذلك فليس منهم.
روى العلماء الأعلام من أولياء الخلافة التاريخية أحاديث الرسول التي تتحدث عن حتمية ظهور الإمام المهدي بنفس المنهاج والطريقة التي رووا فيها أحكام الإسلام التي بين أيديهم من صلاة وصيام وحج وزكاة وغيرها من الأمور الدينية ، وقد وزنوا تلك الأحاديث بنفس الموازين التي وزنوا بها الأحاديث النبوية المروية عن رسول الله والتي تتعلق بأصول الدين وأحكامه الأساسية ، وأكدوا صحة وتواتر الأحاديث المتعلقة بحتمية ظهور المهدي المنتظر عندهم ، وقد وثقنا ذلك في الباب السابق ، ثم جزموا بأن هذه الأحاديث قد صدرت عن رسول الله بالفعل وأنها جزء لا يتجزء من الهدي النبوي والبيان النبوي ، ومن المحال عقلاً أن يتحدث الرسول عن أمور غيبية ، وحوادث لم تقع بعلمه أو اجتهاده الشخصي « محمد البشر » ولا بد أن تكون هذه الأحاديث من الوحي الإلهي وقد كرر الله تعالي