ص ٤١ ] وبعد أن أدلى بشهادته ساق قول ابن خلدون الآنف الذكر. فإذا كانت هذه شهادة المتشككين فيعني أن شيوع هذا الاعتقاد وانتشاره بين كافة المسلمين العامة والخاصة من الحقائق الاسلامية المسلم بصحتها على مستوى المسلمين جميعاً ، وليس بإمكان عاقل أن يتجاهل عموم وشمول هذا الاعتقاد لكافة أتباع الملة الاسلامية. ولقد أدرك الحكام الذين استولوا على قيادة الأمة طوال التاريخ السياسي الاسلامي ، خطورة هذه الفكرة على حكمهم ، وقدرتها الفائقة على شق طريقها إلى قلوب المسلمين ، ودور هذه الفكرة بنقد الظلم وفضح الظالمين ، فسخروا كافة موارد الدولة التي استولوا على قيادتها للتشكيك بالفكرة الاساسية تمهيداً لاقتلاعها من جذورها!! ومع أن الحكام قد نجحوا نجاحاً ساحقاً بحل عرى الإسلام كلها عروة بعد عروة ، ومع أنهم قد نجحوا بإخضاع الأمة لمشيئتهم ، إلا أنهم قد فشلوا فشلاً ذريعاً باقتلاع الاعتقاد بالمهدي المنتظر من قلوب الناس وعقولهم ، بل إن هذا الاعتقاد كان يترسخ ويتجذر طردياً كلما زاد ظلم الحكام وبطشهم ، ويزداد المسلمون يقيناً بحتمية ظهور المهدي!!. وتوارثت الأجيال هذا الاعتقاد ، وتوارثت صلته الحميمة بالدين الاسلامي.
مصادر ومنابع الاعتقاد بالمهدي المنتظر
لقد استمد المسلمون الاعتقاد بالمهدي المنتظر واستقوه من منبع أو مصدر واحد وهو الإسلام. فالاسلام هو الذي جاء بنظرية المهدي بكل تفاصيلها وكلياتها ، وهو الذي كلف أتباعه ومعتنقيه بالاعتقاد بها ، والالتزام التام بهذا الاعتقاد كغيره من المعتقدات النابعة من صميم الإسلام.
ويُعنى الإسلام على الصعيد القانوني أو الحقوقي « الآمر والناهي والمحلل والمحرم » كل ما جاء به القرآن الكريم ، وبيان النبي لهذا القرآن سواء أمكان البيان بالقول أو بالفعل أو بالتقدير ، ويسمى هذا البيان بالسنة المطهرة. وكل واحد من هذين المصدرين مكمل للآخر ، ولا غنى لإحدهما عن الآخر ، لأن أُولى مهمات النبي أن يبين للناس ما نزل إليهم من ربهم بياناً قائماً على الجزم واليقين.
ولأن الإسلام آخر الأديان السماوية ، ولأن محمداً خاتم النبيين فقد أجاب الإسلام على كافة التساؤلات البشرية في ما مضى ، وفي ما يأتي ، وعطى كافة