الاحتياجات الإنسانية على كل الأصعدة اللازمة لنمو الحياة الإنسانية وتطورها ورقيها ، فما من شيء ، على الإطلاق إلا وجاء به القرآن ، وبينه النبي بالقدر الذي يستوعبه كل المكلفين وتصديق ذلك قوله في سورة النحل آية ٨٩ ( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء ).
وأحكام الإسلام وتعاليمه ما شرعت لمعالجة مشكلات قومية أو إقليمية إنما هي منصية بالأصل على معالجة مشكلات العالم كله بأرضه وسكانه ، وكانت الوحدة التاريخية والدينية والسياسة للعالم هي محور عناية واهتمام الإسلام. حيث وضع الإسلام تحت تصرف العالم أيضاً قيادة سياسية وروحية لا مثيل لها. فالإمام القائد في زمانه هو الأفضل وهو الأقرب لله ولرسوله ، فإذا أراد العالم أن يهتدي فعليه بموالاة القيادة الإلهية والعمل بالنظام الإلهي فهما ثقلان يتكامل أحدهما مع الآخر ويتمم أحدهما الآخر وهذا هو المقصود الشرعي من حديث الثقلين.
وشاءت حكمة الله أن يكون المهدي هو آخر جيل القيادة الإلهية المسماة ، وهو الذي سيتولى توحيد العالم دينياً وسياسياً ويترجم جهد الأنبياء وخاتمهم ويحقق هدفهم بتحقيق وحدة العالم الدينية والسياسية. بحيث تكون كل أقاليم الكرة الأرضية ولايات لدولته وكل سكان المعمورة رعايا لتلك الدولة ، وكل أهل القوة والأمانة من رجال العالم ونسائه بطانة له يستعين بهم لتنفيذ النظام الإلهي ، فيكون عهده الزاهر عهد الرخاء الذي حلم به النبيون ، وعهد العدل الذي جاهد لتحقيقه النبيون ، والنموذج الرمز لوحدة الجنس البشري التي بشر بها النبيون ورمز انتصار الحق على الباطل على المستوي العالمي عبر الصراع الطويل بينهما وهنا يكمن سر تركيز الإسلام تركيزاً خاصاً على نظرية المهدي المنتظر ، وتكمن عناية النبي الفائقة بإبرازها وتوضيحها والتبشير بها ، بل ويكمن سر فخره بالمهدي المنتظر لانه المؤهل إليها لعملية التغيير الکبرى ولانه ابنه وقرة عينه وحفيده.
والخلاصة أن الإسلام بركنية الكتاب والسنة هما المصدر والمنبع الوحيد للاعتقاد بالمهدي المنتظر ، وعلى ذلك أجمع المسلمون.