النبي ، وحاربته حرباً لا هوادة فيها ، وبعد حروب طاحنة ، ولما هزمها النبي إضطرت مكرهة أن تدخل ، أو أن تتظاهر بالدخول في الإسلام ، وبنفس الوقت أخفت تركة صراع طويل ، وحسداً متمكناً من النفوس ، وحقداً دفيناً ألقي أجرانه في القلوب. ولما رأت بطون قريش أن النبوة قد أسفرت عن مُلْك رأت من مصلحتها أن تعترف بهذه النبوة طمعاً بالأنقضاض على الملك ذات يوم ، وعندما تيقنت البطون بأن الرسول قد رتب مرحلة ما بعد النبوة ، وأنه قد عين خليفتين من بعده « كتاب الله وعترة النبي أهل بيته » ، صممت بطون قريش أن تستولي على الملك من بعد النبي ، وأن تحارب الإسلام بأسلحته فروّجت ، بإن الإسلام قد جاء بالعدل والمساواة والانصاف ، وليس من العدل ولا من الإنصاف أن ينال الهاشميون الملك والنبوة معاً ، وأن تحرم بطون قريش من هذين الشرفين معاً ، الأفضل أن يختص الهاشميون بالنبوة ، وأن تختص بطون قريش بالملك تتداوله فيما بينها ، لذلك صممت بطون قريش على فرض هذه الغاشمة بعد وفاة النبي ، وهكذا نقضت بطون قريش عملياً العروة الأولى من عرى الإسلام ، وهي الحكم. واتحدت ضد آل محمد بعد وفاة النبي تماماً ، كما اتحدت ضد النبي ، وحاربت آل محمد بكل وسائل الحرب وفنونه ، تماماً كما حاربت النبي من قبل ، واستعدت عليهم العرب ، تماماً كما استعدت العرب على النبي من قبل!! وكانت بطون قريش على استعداد أن تمد يدها للشيطان إن ساعدها على تحقيق ذلك كله. وقد وثقنا ذلك في كتابنا « المواجهة » وسقت ٣٩٤ دليلاً على ذلك من عيون المراج المعتمدة عند أهل السنة ، فليرجع إليه من يشاء.
٢ ـ المنافقون : وهم العمود الفقري للجموع التي دعمت نقض عرى الإسلام ، وكانت لهم قواعد في المدينة ، وما حولها وفي مكة وما حولها ، وقد حمل عليهم القرآن حملات متكررة حتى كشفهم وعّراهم على حقيقتهم ، ووضع الله ورسوله معياراً لمعرفة المؤمن من المنافق ، فمن وإلى علياً بن أبي طالب وأحبه ، فهو مؤمن ، ومن عاداه وأبغضه فهو منافق. [ راجع على سبيل المثال صحيح الترمذي ج ٢ ص ٢٩٩ ومسند أحمد بن حنبل ج ٦ ص ٢٩٢ وصحيح النسائي ج ٢ ص ٢٧ وخصائص النسائي وصحيح ابن ماجة ص ٢ ].