بجوز الهند ولا يكونان إلا ببلاد الهند ، وبمدينة ظفار هذه ، لشبهها بالهند وقربها منها ، اللهمّ الّا في مدينة زبيد في بستان السلطان شجيرات من النارجيل ، واذ قد وقع ذكر التنبول والنارجيل فلنذكرهما ولنذكر خصائصهما.
ذكر التنبول
والتنبول (٩٢) شجر يغرس كما تغرس دوالي العنب ويصنع له معرّشات من القصب كما يصنع لدوالي العنب أو يغرس في مجاورة شجر النّارجيل فيصعد فيها كما تصعد الدّوالي ، وكما يصعد الفلفل ، ولا ثمر للتنبول وانّما المقصود منه ورقه وهو يشبه ورق العلّيق ، وأطيبه الأصفر ، وتجتنى أوراقه في كلّ يوم ، وأهل الهند يعظمون التنبول تعظيما شديدا ، وإذا أتى الرجل دار صاحبه فأعطاه خمس ورقات منه فكأنّما أعطاه الدنيا وما فيها! لا سيّما إن كان أميرا أو كبيرا ، واعطاؤه عندهم أعظم شأنا وأدلّ على كرامة من اعطاء الفضّة والذهب!
وكيفيّة استعماله أن يوخذ قبله الفوفل ، وهو شبه جوز الطيب فيكسر حتّى يصير أطرافا صغارا ويجعله الإنسان في فمه ويعلكه ، ثمّ يأخذ ورق التنبول فيجعل عليها شيئا من النّورة ويمضغها مع الفوفل ، وخاصّيته أنّه يطيب النكهة ويذهب بروائح الفم ويهضم الطعام ويقطع ضرر شرب الماء على الريق ، ويفرح أكله ويعين على الجماع ويجعله الإنسان عند رأسه ليلا فإذا استيقظ من نومه أو أيقظته زوجته أو جاريته أخذ منه فيذهب بما في فمه من رائحة كريهة ، ولقد ذكر لي أن جواري السلطان والأمراء ببلاد الهند لا يأكلن غيره وسنذكره عند ذكر بلاد الهند.
ذكر النارجيل
وهو جوز الهند وهذا الشجر من أغرب الأشجار شأنا وأعجبها أمرا ، وشجره شبه شجرة النخل لا فرق بينهما إلا أنّ هذه تثمر جوزا ، وتلك تثمر تمرا ، وجوزها يشبه رأس ابن آدم لان فيها شبه العينين والفم وداخلها شبه الدّماغ إذا كانت خضراء ، وعليها ليف شبه
__________________
(٩٢) نلاحظ أن الحديث عن التنبول من لدن ابن بطوطة ابتدأ من يوم وصل الى دمشق حيث وجده يقدم للضيوف ... وهو ما كرره فيما بعد وهو يتحدث عن زيارته لمقدشو وأذكر انه قدّم الينا خلال زيارتنا لجزر ما لديف في صيف ١٩٩٠ في أعقاب حفلة العشاء التي أقامها السيد رئيس الجمهورية ... أوراق مخلوطة بقطع رقيقة من نواة الفوفل : ما نسميه في المغرب جوز الطيب تمضغ فيشعر المرء بنشاط على نحو ما يحكيه ابن بطوطة! ـ د. التازي : أقدم نقش عربي في مالديف. البحث الذي قدم لمجمع اللغة العربية بالقاهرة ، في دورته السابعة والخمسين ، يبراير ١٩٩١.