وعشيّا ، فأكرمني وأضافني وأنزلني بزاوية تعرف باسم الدّينوري. وأقمت بها أياما وكان وصولي في أيام القيظ (٨١) ، وكنّا نصلّى صلوات الليل ثم ننام بأعلى سطحها ، ثم ننزل إلى الزاوية ضحوة وكان في صحبتي أتنا عشر فقيرا منهم إمام وقارئان مجيدان وخادم ، ونحن على احسن ترتيب.
ذكر ملك إيذج وتستّر
وملك إيذج في عهد دخولي إليها السلطان أتابك أفراسياب ابن السلطان أتابك (٨٢) أحمد، وأتابك عندهم سمة لكل من يلي هذه البلاد من ملك ، وتسمى هذه البلاد بلاد اللّور (٨٣) ، وولى هذا السلطان بعد أخيه أتابك يوسف ، وولى يوسف بعد أبيه أتابك أحمد ، وكان أحمد المذكور ملكا صالحا سمعت من الثقات ببلاده أنه عمّر أربعمائة وستين زاوية ببلاده ، منها بحضرة إيذج أربع وأربعون ، وقسم خراج بلاده أثلاثا فالثلث منه لنفقة الزوايا والمدارس ، والثلث منه لمرتّب العساكر ، والثلث لنفقته ونفقة عياله وعبيده وخدّامه ، ويبعث منه هديّة لملك العراق في كلّ سنة، وربّما وفد عليه بنفسه.
وشاهدت من آثاره الصالحة ببلاده أن أكثرها في جبال شامخة ، وقد نحتت الطرق في الصخور والحجارة وسوّيت ووسعت بحيث تصعدها الدواب بأحمالها ، وطول هذه الجبال
__________________
(٨١) حديث ابن بطوطة عن أيام القيظ ومبيته في السطح جعل الذين يحققون في يوميات سفره يتساءلون هل كان الوقت فعلا وقت حر؟ سنراه بعد فترة من الزمن يصل إلى إصفهان يوم ١٤ حمادى الثانية ٢١٧ ٧ ماي ١٣٢٧ ومعنى هذا أنه لما كان في ايذج كان الوقت وقت قر! لكنهم وجدو للرحالة المغربي مخرجا من هذا الاشكال بافتراض أنه احيانا يحكى ما جرى له في زيارة لاحقة ما جرى له في زيارة سابقة والعكس صحيح وقد اعترف هو أحيانا بأنه يركب مثل هذا الصّنيع (ج ٤ ، ٣١٥ ـ ٣١٦)
(٨٢) لاحظ المترجمان الفرنسيان.D.S ، وثنّى عليهما گيب أن ابن بطوطة اختلط عليه اسم ملك لورستان في الفترة التي اجتاز فيها تلك البلاد عام ٧٢٧ (١٣٢٧) مع اسم الملك الذي كان يحكم عشرين سنة بعد ذلك عندما كان ابن بطوطة عائدا عن طريق فارس ، ففي المرة الأولى كان الملك يحمل اسم نصرت الدّين أحمد الذي توفى عام ٧٣٣ ١٣٣٣ ، بعد ست سنوات من تاريخ مرور ابن بطوطة ، وقد عوض على التوالي من لدن ولديه اللذين كان ثانيهما هو الأمير مظفر الدّين أسياب الذي راه ابن بطوطة والذي أنّبه على التهالك على شرب الخمر ، وبالرغم من أن ابن بطوطة لم يذكر اسم ايذج عند عودته عام ٧٤٨ ١٣٤٧ على نحو ذكره للمواقع الأخرى فاننا على يقين من أنه رأى هذه العاصمة العظيمة للهزار سبيين التي تقع على طريقه ـ د. أحمد كمال الدّين حلمي : السّلاجقة في التاريخ والحضارة الكويت ١٣٩٥ ١٩٧٥.
(٨٣) اللور من الشعوب الإيرانية يعيش في الجبال الجنوبية الغربية من بلاد فارس ، وعلى نحو حالة الأكراد فإن العلاقة الاساسية للفروع التي يتكون منها اللور هي اللغة ، وقد عالج الحديث عن الدولة التي تكونت في هذه المنطقة تحت اسم الهزار سبيد البروفيسورV.Minorsky في دائرة المعارف الاسلامية وكذا البروفسورB.SPULER في مادةHAZARASPIDES.