سراكنو (٩٠) ومعناه : المسلمون ، ومنعونا من الدخول ، فقال لهم أصحاب الخاتون إنهم من جهتنا، فقالوا : لا يدخلون إلا بالإذن! فأقمنا بالباب وذهب بعض أصحاب الخاتون فبعث من أعلمها بذلك ، وهي بين يدي والدها ، فذكرت له شأننا ، فأمر بدخولنا وعيّن لنا دارا بمقربة من دار الخاتون ، وكتب لنا امرا بأن لا نعترض حيث نذهب من المدينة ، ونودي بذلك في الأسواق وأقمنا بالدار ثلاثا تبعث إلينا الضيافة من الدقيق والخبز والغنم والدجاج والسّمن والفاكهة والحوت والدراهم والفرش وفي اليوم الرابع دخلنا على السلطان.
ذكر سلطان القسطنطينية
واسمه تكفور (٩١) بفتح التاء المثناة وسكون الكاف وضم الفاء وواو وراء ، ابن السلطان جرجيس وأبوه السلطان جرجيس بقيد الحياة لكنّه تزهّد وترهّب وانقطع للعبادة في الكنائس وترك الملك لولده ، وسنذكره. وفي اليوم الرابع من وصولنا إلى القسطنطينية بعثت إليّ الخاتون الفتى سنبل الهندي فأخذ بيدي وأدخلني إلى القصر (٩٢) فجزنا أربعة أبواب في كل باب سقائف ، بها رجال وأسلحتهم وقائدهم على دكانة مفروشة ، فلما وصلنا إلى الباب الخامس تركني الفتى سنبل ، ودخل، ثم أتى ومعه أربعة من الفتيان الروميين ففتّشوني لئلّا يكون معي سكّين! وقال لي القائد : تلك عادة لهم لا بدّ من تفتيش كل من يدخل على الملك من خاصّ أو عامّ غريب أو بلديّ وكذلك الفعل بأرض الهند.
__________________
(٩٠) كان من أوائل الذين نبهوا لاستعمال هذا الكلمة في حق العرب والمسلمين المسعودي (توفي ٣٤٦ ٩٥٦) في كتاب التنبيه والاشراف عندما قال : إن الروم إلى وقتنا هذا تسمى العرب ساراقينوس ، وتفسير ذلك ، طعنا منهم في هاجر وابنها اسماعيل ، أنّهم أي المسلمين كانوا أبناء أمة سارة! ... وذكر ابن الأثير أن الروم تسمي العرب سارقنوس يعني عبيد سارة ...
وقد كان ابن بطوطة ثالث من سجل عنهم استعمال هذا اللفظ وهو يزور القسطنطينية العظمى ...
وقد قرأت في قاموس التاريخ العالمي لمؤلفه ميشيل مورM.Mourre ما يفيد أن اللفظ يعني قبيلة بشمال الجزيرة العربية قاومت الامبراطورية البيزنطية بضراوة وكانت من أوائل القبائل التي اعتنقت الإسلام (السراجين) (معجم قبائل العرب لكحالة ١ ، ٢٥٢ ـ ٥٠٦) انظر الموسوعة الإسلامية ، وانظر كذلك بحثا لزهير أحمد القيسى حول السراجين مجلة (المورد) البغدادية عام ١٩٩٤.
(٩١) تقدم الحديث عن القصد من تكفور وقد كان اسمه الحقيقي في هذه الفترة أندرونيكوس الثالث (ANDRONICUS) ٧٢٨ ـ ٧٤١ ١٣٢٨ ـ ١٣٤١ ، والذي كان حفيدا لسلفه اندرونيكوس الثاني المتنازل عن العرش عام ٧٢٨ ١٣٢٨ بعد حرب أهلية طويلة غلب أندرونيكوس في إثرها فأصبح راهبا ، وقد توفي بتاريخ ٢٤ محرم ٧٣٢ يبراير ١٣٣٢ قبل وصول ابن بطوطة ـ أنظر التعليق رقم ٤٦.
(٩٢) كان قصر باليولوجي (PALAEULOGI) هو بلاشيرنا (Blacherna) على مقربة من زاوية الشمال الغربي للمدينة وتعرف إلى اليوم باسم تكفور سراي.