بلدة أشتركان (٩٦) ، ويضبط اسمها بضم الهمزة واسكان الشين المعجم وضم التاء المعلوة واسكان الراء وآخره نون ، وهي بلدة حسنة كثيرة المياه والبساتين ، ولها مسجد بديع يشقّه النهر ، ثم رحلنا منها إلى مدينة فيروزان (٩٧) ، واسمها كانّه تثنيّة فيروز ، وهي مدينة صغيرة ذات أنهار وأشجار وبساتين ، وصلناها بعد صلاة العصر فرأينا أهلها قد خرجوا لتشييع جنازة وقد أوقدوا خلفها وأمامها المشاعل ، واتبعوها بالمزامير والمغنّيين بانواع الأغاني المطربة فعجبنا من شأنهم ، وبتنا بها ليلة.
ومررنا بالغد بقرية يقال لها نبلان (٩٨) وهي كبيرة على نهر عظيم وإلى جانبه مسجد في النهاية من الحسن يصعد إليه في درج وتحفّه البساتين ، وسرنا يومنا فيما بين البساتين والمياه والقرى الحسان ، الكثيرة أبراج الحمام ، ووصلنا بعد العصر إلى مدينة إصفهان (٩٩) من عراق العجم ، واسمها يقال بالفاء الخالصة ويقال بالفاء المعقودة المفخّمة ، ومدينة إصفهان من كبار المدن وحسانها إلّا أنها الآن قد خرب أكثرها بسبب الفتنة التي بها بين أهل السنّة والروافض (١٠٠) ، وهي متّصلة بينهم حتى الآن ، فلا يزالون في قتال ، وبها الفواكه الكثيرة ، ومنها المشمش الذي لا نظير له ، يسمّونه بقمر الدّين وهم ييبّسونه ويدّخرونه ، ونواه ينكسر عن لوز حلو ، ومنها السفرجل الذي لا مثل له في طيب المطعم وعظم الجرم والأعناب الطيبة
__________________
(٩٦) تقع مدينة أشترجان (Ostorjan) عند الكيلوميتر ٣٦ غربي إصفهان ، وقد بنى المسجد المذكور أيام سلطنة خدابنده حيث يوجد منقوشا ما يلي : " أمر ببناء هذا المسجد المبارك الصاحب الاعظم ملك الوزراء في العالم فخر الدنيا والدّين محمد ابن محمود بن علي الاشترجاني ، ومما يوجد منقوشا على الباب الشرقي : " بسم الله الرحمن الرحيم وإن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ... بني في سنة خمس عشرة وسبعمائة". هذا وقد أصبح النهر الذي كان يشق المسجد ، أصبح خارجه ... ويذكر گيب أن أشتركان ـ ويعني مبرك الناقة ـ لم يرد في غير رحلة ابن بطوطة ـ د. التازي : إيران بين الأمس واليوم ص ٤٤ تعليق ٥٥.
(٩٧) فيروزان : مدينة تقع على بعد ستة فراسخ عن إصفهان وقد كتب عنها حمد الله مستوفى في كتابه نزهة القلوب ص ٥٢ / ٥٦ طبع تهران ...
(٩٨) نبلان أو (لونبان) قرية كبيرة وهي تحمل اليوم اسم شهر فيروزان ـ لطف الله : تاريخ أصفهان ص ٢٥١ / ٣٠٣.
(٩٩) مركز إصفهان أو نصف جهان ، أو نصف الدنيا يقع في ذلك العهد شرقي المركز الذي بني في القرن السابع عشر من لدن الشاه عباس الاول ...
(١٠٠) لقد هال ابن بطوطة ما بدا على المدينة من خراب ضرب أكثر معالمها قبل أن يفتحها المغول! وغدا يبحث عمن كان وراء ذلك الخراب ، هناك دعاة الشيعة وهناك دعاة السنة ، كلّ يريد أن يحتفظ بحريته فيما يسلكه على ما يؤكده المؤرخ القزويني حمد الله مستوفى ...
ـ د. موحد : سفرنامة ابن بطوطة ج ١ ، ص ٢١١ تعليق ١.
ـ د. التازي : إيران بين الأمس واليوم ، ص ٤٥ / ٦٣. مصدر سابق.