قال المحبي في ترجمته : ولما حج في سنة أربع وستين وتسعمائة اجتمع بعالم الحجاز الشهاب أحمد بن حجر الهيتمي وكتب له إجازة طنانة بالإفتاء والتدريس ، ولم يجتمع به إلا أيام الحج فقط ، فإنه لم يجاور ، ثم عاد إلى حلب ، وقد فضل في حياة شيخه ابن الحنبلي فكان يدرس في زمانه وكان ابن الحنبلي يجله.
وأخذ عنه جمع كثير منهم شيخ حلب عمر العرضي وذكره في تاريخه وذكر مقروءاته عليه. قال : ثم اشتغل بخويصة نفسه وجلس في بيته ، وعمر له إبراهيم باشا جامعه الذي بجانب داره وجعل فيه خطبة وبنى له منارة وانقطع فيه ولم يخرج إلا للحمّام حالة الاحتياج إليه. وأقبل الناس عليه يثنون عليه وينسبون إليه الصلاح ويصفونه بالانقطاع. وثقل سمعه وضعف بصره واشتغل بمجرد تلاوة القرآن والاشتغال بمصالح عياله وكف الجوارح. وبالجملة فهو رجل صالح فاضل لا شك في ذلك ا ه.
٩٣٩ ـ محمد بن عبد القادر البيمارستاني المتوفى سنة ١٠١٠
محمد بن عبد القادر بن تاج الدين بن علي ، الشيخ المعمر المشرقي ثم الحلبي الشهير بالسيد المارستاني.
قدم أبوه عبد القادر وأخوه من بلاد الشرق لديار حلب خادما مع بعض التجار بنية العود إلى بلاده ، فرأى من طيب هواء حلب ولطف أبنائها ما دعاه على السكنى بها ، فتشرف بخدمة الزيني عمر الموازيني مدة ، ثم بالكمال ابن الدغيم أحد أعيان حلب أخرى بحيث يرسله إلى الضياع ناطورا لضبط الغلال ، فحسن حاله بذلك. وأسكنه الكمال بالبمارستان النوري وأولاه الخدامة به إذ كان متوليا لضبط أوقافه ، فولد به محمد المذكور وأخوه التاجي ، فنشأ بخدمة الكمال على قدم أبيهما ، إلى أن توفي الكمال ، فتقهقر حالهما بذلك ، إلى أن اتهم عم الشمس بمال سرق للفرنج من خان البرغل ، فعذب أشد عذاب ، ثم صلب فظهر أثر ذلك بعد مدة على الشمس محمد وأخيه التاجي بأن أخذا دارا بالقرب من خان البرغل وأحسنا عمارتها وظهرا ظهورا بهرا به من عرفهما بحيث هرعت إليهما الناس للمعاملات والمساعدات في المهمات.
ثم أخذ التاجي بعض الحاصلات السلطانية وصار أمينا عليها. وصار محمد هذا يدخل