يقتني لمن يكتري بغالا ، وملك عدة من المماليك اختلس واحد منهم شيئا من ماله فسعى في قتله وصلبه مخنوقا تجاه خان خير بك على باب سوق الدهشة لكون الاختلاس كان من مخزنه بهذا الخان الذي كان ديدنه الجلوس للتجارة والمعاملة ، ثم ملك آخر كاتبا حاسبا حسن الصورة فسلم إليه مقاليده وألبسه الملبس الحسن ، ومع هذا كان يستخدمه في سوق الماء إلى بحرة بيته ونقض الكيزان ووضع السرقين بها في أمكنة بعيدة عن بيته بحيث كان ينزع ملبسه الحسن ويبدله بغيره مع غنيته عن خدمته بمن هو أدنى منه في خدمته ، إلى أن اختلس شيئا من ماله ووضعه عند صاحب له ، فتفطن له فسعى في قتله عند باشا حلب ، فأبى وطلب منه أن يبيعه إياه ، فصمم على قتله والعياذ بالله تعالى من حرص يؤدي إلى قتل النفس التي حرمها الله تعالى ، فأمر بأن يربط في ذنب فرس ويجر بشوارع حلب إلى أن يموت ، ففعل به ما أراد حتى عيب عليه ذلك. ثم صمم على حبس صاحبه مدة قيل ليسعى في قتله أيضا ظلما ، فوردت إلى حلب إحدى الخواتين ذوات الجاه من قبل الباب العالي للحج ، فبرز أمرها بإطلاقه فأطلق رغم أنفه ، ثم لم تمض أشهر إلا وتوفي ، وذلك أنه كان قد استولى عليه النقرس ووجع المفاصل مرة فمرة إلى أن أشرف على الموت كرة فكرة. فأنشأ داخل باب الفرج عمارة تشتمل على جامع ومكتب للأيتام ومدفن له ، ثم لم تقم بجامعه هذا الجمعة مرارا معدودة إلا وقيل له بعد إخفاء منه أنه قد ظهر فيه نوع انشقاق ، فلم يعبأ به فما مضت برهة من الأيام إلا واتفق فيه الاتفاق الغريب وذلك أنه انشقت القبلية شرقا وغربا فوقا وتحتا حتى بان نور الشمس ، وانشقت عتبة بابها أسوة ما حاذاها من التبليط المنشق مع إحكام بنائها وعرفان مهندسها وبنّائها ، ومالت إلى بعض الدور المجاورة بها فارتحل من بها وفر الناس عن إقامة الجمعة بها ، فبلغه الخبر فغاظه ، فما مضت ثلاثة أيام إلا وأصابه فالج مات به سريعا عاجلا في رمضان سنة أربع وستين ، وصار أمره أحدوثة بين الناس عفا الله عنا وعنه ا ه.
الكلام على جامعه :
لا زال معروفا بجامع القرمانية ، وقد خربت دائرة الأوقاف قبليته وحجرة بجانبها من جهة الجنوب كانت مكتبا للأيتام واتخذت مكانهما ثلاثة مخازن واسعة مرتفعة السقف أوجر كل واحد منها بأزيد من خمسين ليرة عثمانية ذهبا ، وعمرت القبلية فوق هذه المخازن