الجامع الكبير بحلب حتى قاده إليه فأخذ له بمكره تدريسا فيه ، وصار يحضر لديه فيه شيخان كبيران فاهتما بتحصيل العلم إلى حد الكبر وصارا يقرأان عليه شيئا من الفقه في قليل من الوقت وهو كثير من الأوقات متكىء على أحد شقيه لاستيلاء حب الراحة عليه.
٩٢٣ ـ خالد بن أبي بكر الأريحاوي المتوفى في أواخر هذا القرن
خالد بن أبي بكر بن محمد بن محمد بن محمد بن العلم المشهور بالولاية عبس الأريحاوي السرجي (نسبة إلى سرجة بفتح فسكون : قرية من قرى حلب) الصوفي الخرقة نزيل حلب.
كان قد جاور بالقدس الشريف مدة ، ثم ورد على سيدي علوان الحموي فسأله : أين كنت؟ فأخبره ، فأجابه بأنك لو تفقهت في هذه المدة لكان خيرا لك ، فانشرح صدره لملازمة الشيخ فلازمه. وكان الشيخ قد فوض للشيخ علي بن مقرع الحموي أن يتلقى شكاية الخواطر من شكاتها ، فذهب إلى الشيخ خالد وشرع يشكو له خاطره ، فأجابه بأنك في خمس عشرة سنة لم تشك بحماة خاطرا ، فما لك ولشكايته ، فذهب من ساعته إلى الشيخ الكبير وأخبره بما وقع له معه ، فقال له : بل في ثنتي عشرة سنة ، ولكن لا تشك بعد خاطرا إلا لي ، فصار يشكو له حتى انتفع به.
ثم رحل في حياته إلى حلب وبقي بها على طاعة وعبادة واعتقده طائفة من أهله لتعبده ونصحه وإرشاده بحسب حاله وكونه من ذرية سيدي عبس العلم المشهور بالولاية ، وبأنه لما أراد الملك الظاهر فتح عكا وتوجه إليها أرسل إليه رسولا يسأله المدد بالدعاء ، فحضر الرسول فإذا هو بزاويته ، فدخل عليه وسأله في ذلك ، فأدخل رأسه في جيبه وزيّق * ساعة ، ثم رفع رأسه فإذا عينه سائلة ، فقيل له في ذلك فقال : عين بفتح عكا ليست بكثير ، فإذا عكا فتحت. قال لي الشيخ خالد : وقميصه الذي أصابه دم عينه باق إلى الآن في بيتنا والدم الذي أصابه باق فيه ، ونحن نتبرك بالقميص الآن فنضعه على جنائز أمواتنا.
غير أنه بلغني عن الشيخ خالد أنه يورد بعض الأحاديث النبوية ملحونة فنهيته عن ذلك تلويحا لا تصريحا وحذرته من الدخول تحت حديث (من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده
__________________
(*) أي شد طرف الجيب على العنق.