تتمة أعيان القرن العاشر (١)
بسم الله الرحمن الرحيم
٨٤٦ ـ أبو بكر بن عبد الكريم الزاهد إمام البلاطية المتوفى سنة ٩٥٨
أبو بكر بن عبد الكريم الخليصي الأصل الحلبي الشافعي ، إمام المدرسة البلاطية خارج باب المقام المشهور بالزاهد ، سبط العالم المفتي الصالح أبي بكر الخليصي ثم الحلبي الشافعي.
وهو شيخ معمر منور ذو زهد وورع وصلاح وفلاح ، لا يراه أهل محلته نهارا إلا في أوقات الصلوات ، وهو في غيرها متردد إلى المقابر ومزارات الأولياء وإلى المكان المشهور بقبور الصالحين ، وكثيرا ما كنا نراه جالسا وحوله من شاء الله من الزوار يسمعون منه ما يقرؤه عليهم من كتاب «رياض الصالحين» أو غيره ، وأما الليل فإنه فيه ذو تهجد وذكر وبكاء.
وقد رافقته يوما في طريق زيارة الصالحين فأخبرني أنه لما حج وزار النبي صلىاللهعليهوسلم أنشد لدى الحجرة الشريفة النبوية القصيدة الرائية من القصائد المشهورة «بالوترية في مدح خير البرية» ، ثم لما أنشدنا إياها ونحن نسمع فلم يتمها إلا وقد غلب عليّ البكاء من بركته وصدق نفسه.
واتفق له لما تزهد أنه كان معه شيء من حطام الدنيا مما يحتاج إليه لمعاشه ومعاده ، فدفعه لأخ له بسؤاله إياه فيه لينفق عليه منه شيئا فشيئا ، فلما صار إليه قسا قلبه عليه فكل
__________________
(١) تنبيه : لا تنس ما قدمناه في الجزء الخامس من أن ما نذكره في هذا القرن بدون عزو هو منقول عن «در الحبب» للرضي الحنبلي.