إلى أن يقول فيها :
ولقد شكوت له الهوى ليرق لي |
|
فنأى عن المضنى بقلب جلمد |
وأبى سوى رقّي فقلت له اتئد |
|
إني رفيق للأمير محمد |
وله غير ذلك من محاسن الشعر وعيونه.
وكانت وفاته في سنة ثلاث وخمسين وألف عن نحو أربع وسبعين سنة. ودفن بجانب والده بالصالحية.
والبتروني ، بفتح الباء الموحدة وسكون التاء المثناه ثم راء وواو ونون ، نسبة إلى البترون : بليدة بالقرب من طرابلس الشام ، خرج منها جماعة من العلماء. وأول من دخل حلب من بيت البتروني هؤلاء عبد الرحمن جد إبراهيم هذا ، دخلها في سنة أربع وستين وتسعمائة وتوطنها. وسنذكر من هذا البيت عدة رجال أنجبت بهم الشهباء. ا ه.
٩٧٣ ـ محمد بن أحمد القاسمي الشاعر المتوفى سنة ١٠٥٤
محمد بن أحمد بن قاسم الشهير بالقاسمي الحلبي ، الفاضل الأديب المشهور ، نادرة الزمان وفريد العصر.
كان غزير الفضل لطيف الطبع ، فاق أهل عصره بصنعة النظم والنثر. ذكره الخفاجي في «الريحانة» و «الخبايا» وأثنى عليه كثيرا ، وذكر ما جرى بينه وبينه من المراسلة.
وقال البديعي في وصفه : معدن الملح والطرف ، وينبوع النكت والتحف ، وجاحظ زمانه وحافظ أوانه ، ولا يخفى طول باعه ، في فنون الأدب وأنواعه ، فأسرار البلاغة لا تؤخذ إلا منه ، ودلائل الإعجاز لا تروى إلا عنه ، مع دماثة أخلاق تعيد ذاهب الصبّا ، ورقة دعابة كأنما انتسخها من صحيفة الصبّا ، ومنطق يسوغ في الأسماع سلافه ، بلفظ كأنه اللؤلؤ والآذان أصدافه.
وقال الفيومي في ترجمته : كانت ولادته بحلب ، ثم قدم الروم وصار بها من كبار المدرسين ، ثم كف بصره فتقاعد برزق عين له من قبل السلطان ، فانزوى في بيته وهرعت إليه الأفاضل من كل جانب ، فاشتهر فضله وانتشر علمه فاستمر يقرىء أنواع العلوم ،