من كل منطوق ومفهوم ، ومباد ومقاصد ، لكل طالب وقاصد ، فانتفع به كثير من الطلبة. قال : ولما قدمت الروم وفدت عليه ، فرأيت الفضائل انقادت إليه ، فحضرته مجالس في المطوّل وسيرة ابن هشام ، فرأيت منه رتبة لا تنال بالاهتمام. ومات وأنا بالروم ودفن بدار الخلافة. وكانت له رتبة في الأدب هي من أعلى الرتب ، وشعره غاية في بابه ، له فيه التشبيهات العجيبة والمضامين الغريبة ما يكتب بماء الوجه على الحدق ، لا بالحبر على الورق (ثم أورد في خلاصة الأثر طرفا من شعره ثم قال) وله من رسالة :
ما كنت أحسب أن يكون كذا تفرقنا سريعا
قد كنت أنتظر الوصال فصرت أنتظر الرجوعا
قرة عيني ما أسرع ما طلع نجم التفرق في البين ، وهجمت على ائتلافنا قواطع البين ، هلا امتد زمان الاقتراب ، حتى تتأكد الأسباب ، وتأخرت أيام الفراق ، حتى يتم ميقات الاتفاق ، واها لأيام قرب ما وفت بما في الضمير ، ولا ساعدت على بقائها المقادير.
إلى الله أشكو أن في الصدر حاجة |
|
تمر بها الأوقات وهي كما هيا |
وأقسم بالله العظيم إنهم عندما :
قالوا الرحيل فما شككت بأنها |
|
روحي عن الدنيا تريد رحيلا |
فيا ليت شعري هل تحس بفقدي ، أتذكرني من بعدي. إن فعلت فما أحقك بالإحسان ، وإن نسيت فمن شيم الإنسان النسيان ، وأما أنا فإني :
أروح وقد ختمت على فؤادي |
|
بحبك أن يحل به سواكا |
ولو أني استطعت خفضت طرفي |
|
فلم أبصر به حتى أراكا |
وله :
ورد الكتاب مبشرا بقدوم من |
|
ملأ النفوس مسرة بقدومه |
فطربت بالأسجاع من منثوره |
|
وثملت بالجريال من منظومه |
وسجدت شكرا عند مورده على |
|
إسعاد هذا العبد من مخدومه |
وله من فصل : من التحية عندي ما يستعير الروض من ريّاه ، ويستنير الصبح من