وكان رحمهالله تعالى من العلماء العاملين ، والصلحاء العارفين ، عليه لوائح السعادة لائحة ، ونوافح عرف سيرته بنشر سريرته فائحة ، حسن السمت ، طويل الصمت ، يرشد الناس بحسن حاله ، ويذكرهم ويعلمهم بلطف مقاله ، مثابرا على إفادة العلم وتعليمه ، ودرس الحديث وتفهيمه ، مع ملازمة الورع والزهد والقنوع ، والاشتغال بإصلاح أحوال إخوانه وإرشادهم بالرفق والخضوع ، حتى يحسبه الجاهل مع كثرة تعففه غنيا ، ويظنه الغافل من شدة تلطفه غبيا.
وكان بيني وبينه محبة شديدة ، ومودة أكيدة ، وكثيرا ما يتفقدني بالزيارة في أوقات عديدة مع العجز والكبر ، مع أني كنت بذلك أحق وأجدر ، وما ذلك إلا لكرم خلقه اللطيف ، ورفعة قدره المنيف. وقد طلبت منه رحمهالله تعالى أن ينظمني في سلك حزبه ، لأفوز بخدمته وقربه ، فبايعني ولله الحمد ، ولقنني الذكر والورد ، بعد أن كان قد امتنع من ذلك ، هاضما لنفسه الزكية قائلا لست هنالك. وكنت ألازم حضور مجلس الذكر عنده في المدرسة الحلوية ، وفي زاويته المسماة بالصالحية (١). وكان يحصل من لذاذة الذكر وسماعه والشوق والطرب للأخوان ، ما لم يحصل في غير مجلسه كما هو مشهور إلى الآن ، فرحمهالله تعالى برحمته ، وأسكنه أعلى فراديس جنته ، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
وكان انتقاله بالوفاة إلى رحمة الله تعالى سنة اثنتين وخمسين ومائة وألف. ا ه.
١٠٥٧ ـ حسن السرميني المتوفى سنة ١١٥٣
حسن السرميني المنشأ الحلبي الموطن الشافعي ، المدرس بالجامع الأموي في حلب ، الشيخ العالم الكبير والفاضل الشهير ، المحدث النبيه الفرضي الفقيه.
أخذ عن الأستاذ العارف الشيخ عبد الغني النابلسي الدمشقي ، والشيخ أبي المواهب الدمشقي ، والشيخ محمد الوليدي المكي أجازه سنة حجه وذلك في سنة تسع وعشرين ومائة وألف ثم عاد إلى حلب وانتفع به خلق كثير.
وكانت وفاته في سنة ثلاث وخمسين ومائة وألف رحمهالله.
__________________
(١) نقلت من خط أبي المواهب ميرو في ترجمة حسين بن الزيات أن هذه الزاوية تعرف قديما بزاوية البهشتية.