وله في مطلع قصيدة طويلة عثرت عليها في ورقة قديمة الخط وفيها ٤٣ بيتا وهي لم تتم بعد يمدح بها ولي الدين الكواكبي حينما أمر بالإقامة بحلب مسليا له :
سرى وظلام الليل وحف الذوائب |
|
وزورة طيف الحب إحدى المآرب |
سرى طارقا يفلي الفيافي ودوننا |
|
سباسب بيد أردفت بسباسب |
طوى شقة البيداء والبرق هاتك |
|
بمرهفه الماضي جيوب السحائب |
وزار وقد غضت من الشهب أعين |
|
وجفن غيور الحي نيط بحاجب |
تجشم هول الليل يقطع برده |
|
فما دله غير الأنين لجانبي |
ومنها في أواخرها :
وما علموا أن التفرق باعث |
|
لتضعيف أشواق القلوب السواغب |
فكم حاضر والعين تقذى بقربه |
|
وناء عن الأفكار ليس بغائب |
فإن أسارير الرضى من جهاتها |
|
ترف وإن وفته في شكل غاضب |
وبالجملة فإن شعره كله غرر ولم أجده مجموعا ، ولو عني بجمعه لجاء ديوانا حافلا.
١٠٥٢ ـ عبد الرحمن بن محمد البيري البتروني المتوفى حول سنة ١١٥٠
عبد الرحمن بن محمد المعروف بالبيري البتروني ، الأديب البارع.
كان دمث الأخلاق طيب الأعراق ، له أدبية غضة وسجية خضلة. وأخوه الأديب الذي أنجبته الشهباء وتفوق فضلا وأدبا مصطفى البيري. وهذا خرج من حلب سنة أربعين ومائة وألف لضيق أحواله ، فلحق بالقارظين ، ولم يلق غير خفي حنين ، ولم يقف له أحد على مكان.
وكان له شعر بقي في مسوداته ولم يجمع ، فمما وصلني منه ما وجد بخطه وهو قوله :
تبدى وبدر التم من خجل مغضي |
|
وماس كخوط البانة الرطب الغضّ |
ودار بياقوت الخدود زمرد |
|
من النبت زاه لاح في المغرس الفضي |
وخالسني من مقلتيه بنظرة |
|
فأحرم أجفاني بها لذة الغمض |
وأنهك جسمي حبه ونفاره |
|
فغادرني لا أستطيع إلى النهض |