الحلبي المولد الحنفي ، الفاضل الأديب المشهور ، صدر قطر حلب بعد أبيه.
اشتغل في عنفوان عمره وسلك طريق القضاء وتولى مناصب عديدة ، منها حماة ، ثم ترك وعكف على دفاتره وتشييد مفاخره ، وتفرغ له أبوه عما كان بيده من مدارس وجهات ، وبقيت في يده سوى إفتاء الحنفية فإنها وجهت إلى غيره.
وكان حسن المحاضرة شاعرا مطبوعا ، وشعره كثير الملح والنكت حسن الديباجة. أنشد له البديعي في «ذكرى حبيب» قوله في فتح الله بن النحاس الشاعر المشهور الماضي ذكره ، وكان يميل إليه ، وكان فتح الله مع تفرده بالحسن ولوعا بالتجني وسوء الظن بصيرا بأسباب العتب ، يبيت على سلم ويغدو على حرب ، كم من متيم في حبه رعى النجم خوفا من الهجر ، لو رعاه زهادة لأدرك ليلة القدر ، بخيلا بنزر الكلام ، يضن حتى برد السلام.
شعر :
مهلك العشاق مهلا |
|
فيك لي منك انتقام |
بشعيرات كمسك |
|
هن للمسك ختام |
وله فيه من أبيات :
بيني وبينك مدة فإذا انقضت |
|
كنت الجدير بأن تعزّى في الورى |
رفقا بقلب أنت فيه ساكن |
|
إن الحياة إذا قضى لا تشترى |
فاردد على طرفي المنام لعله |
|
يلقى خيالا منك في سنة الكرى |
واسأل عيونا لا تملّ من البكا |
|
عن حالتي ينبيك دمعي ما جرى |
وقال فيه أيضا وقد عشق مليحا اسمه موسى فتجنى عليه :
كل فرعون له موسى وذا |
|
في الهوى موساك يوليك النكد |
فكما أكمدت من يهواك بال |
|
صدّمت صدّا وذق طعم الكمد |
ومن شعره قوله من قصيدة في الأمير محمد بن سيفا مطلعها :
أربى على شجو الحمام الغرّد |
|
وشدا فبرّح بالحسان الخرّد |
شاد يشاد به السرور لمعشر |
|
عمروا مجالس أنسهم بالصرخد |
في مجلس قام الصفاء به على |
|
ساق وشمر للمسرّة عن يد |