الشيخ الجواربي يتكلم على الأسرار ، وأنا أريد أن أعتقد في نفسي مسألة وأجيء وأسلّم عليه ، فإن أجابني عنها قبل السؤال علمت صحة ذلك ، وإلّا سألته وأخذت الفائدة ، فقلت له : تعرّفني المسألة حتى أعرف إذا أتى بالجواب عرفت كما تعرف أنت ، قال لي : أجل ، تقول له : أي شيء هذا السر الذي جعله الله تعالى في الخبز ، ما هو ، إن الإنسان ليأكل سائر الطعام فما يغنيه غناء (١) خبز القمح.
قال مجاهد : وجئنا إلى مجلس الشيخ وعنده جماعة من الناس ، فسلّمنا وركعنا فما هو (٢) أن فرغنا من الركوع حتى التفت إلى جلسائه فقال : هؤلاء القيسرانيون قد حفيت أضراسهم من أكل خبز السميد ، وقد جاءوا يسألونا عن علم الخبز ، إنّما يسأل عن علم الخبز من لا يأكل الخبز ، فلكزني أبو أحمد وقال : أنظر أيّ شيخ كان في هذه الزاوية ما علمنا به ، والتفت إلينا بعد ساعة فقال : إنّ الله خلق القمح من نوره ، وخلق الشعير من بهائه ، وخلق جميع الأطعمة بقدرته ، فجعل لنوره خاصية ليس كسائر الأشياء ، وجعل الشعير بعده ، قال : ثم سكت ساعة وقال : خلقه من نور خلقه ، لا من نور الذات.
وتوفي أبو بكر الجواربي في طريق مكة وهو راجع من الحجّ.
[قال ابن عساكر :](٣) أبو أحمد هو محمّد بن محمّد بن عبد الرحيم.
آخر الجزء الخامس والعشرين بعد الأربع مائة من الأصل (٤).
٦٢٠٩ ـ محمّد بن الحسن بن أحمد بن الأصم أبو بكر
حدّث عن أبي بكر محمّد بن عيسى المالكي.
روى عنه : أبو الحسن علي بن موسى بن الحسين بن السمسار.
__________________
(١) كذا بالأصل ود ، وفي «ز» فما يغنيه شيئا عن خبز القمح.
(٢) غير مقروءة بالأصل ، والمثبت عن د ، و «ز».
(٣) زيادة منا للإيضاح.
(٤) زيد بعدها في «ز» :
... سماعا بقراءتي وعرضا بالأصل على القاضي العالم الورع أبي البركات الحسن بن محمد بن الحسن الشافعي أبقاه الله بحق إجازته من عمه المؤلف وكتب محمد بن يوسف الإشبيلي يوم الأحد التاسع من شهر رجب سنة ثمانية عشر وستمائة بالمسجد الجامع بدمشق حرسها الله حامدا ومصليا على نبيه محمد ومسلما في مجلس واحد.