واسع بقوم فقالوا : إن هذا أزهد من في الدنيا (١) ، فقال محمّد لهم : وما قدر الدنيا حتى يحمد من زهد فيها؟
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنا أبو عمرو بن مندة ، أنا أبو محمّد بن يوه (٢) ، أنا أبو الحسن اللّنباني (٣) ، أنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني محمّد بن الحسين ، حدّثني الصلت ابن حكيم ، عن ابن المبارك قال : قال محمّد بن واسع :
كلّ يوم منا إلى الموت منقلة ، قال : وسمع قوما يقولون : مات فلان وترك دنيا ، قال : لقد أعظم هؤلاء الدنيا وما ترك.
أخبرنا أبو علي الحداد في كتابه ، أنا أبو نعيم الحافظ (٤) ، نا أبو بكر بن مالك ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدّثني سفيان بن وكيع قال : سمعت أبي يقول : إن محمّد بن واسع أريد على القضاء ، فأبى ، فعاتبته امرأته ، فقالت : لك عيال وأنت محتاج ، قال : ما دمت تريني أصبر على الخلّ والبغل فلا تطمعي في هذا مني.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النقور ، وأبو منصور عبد الباقي ابن محمّد ، قالا : أنا محمّد بن عبد الرّحمن ، أنا أبو محمّد عبيد الله بن عبد الرّحمن ، أنا زكريا المنقري ، نا الأصمعي ، نا حمّاد بن زيد قال :
قال رجل لمحمّد بن واسع : أوصني ، قال : أوصينك أن تكون ملكا في الدنيا والآخرة ، قال الرجل : وكيف أكون ملكا؟ قال : ازهد في الدنيا (٥).
أنبأنا أبو علي الحداد ، أنا أبو نعيم (٦) ، نا أبو محمّد بن حيان ، نا أحمد بن الحسين ، نا أحمد الدورقي ، حدّثني إبراهيم بن عبد الرّحمن بن مهدي ، حدّثني مضر ، حدّثني عبد الواحد ابن زيد قال :
شهدت حوشبا جاء إليه مالك بن دينار فقال : يا أبا يحيى ، رأيت البارحة كأن مناديا ينادي يقول : يا أيها الناس الرحيل الرحيل ، فما رأيت أحدا يرتحل إلّا محمّد بن واسع ، قال :
__________________
(١) الجملة بالأصل : «إن هذين في الدنيا» صوبناها عن د.
(٢) تحرفت بالأصل إلى : «بعره» والمثبت عن د.
(٣) تحرفت بالأصل ود إلى : اللبناني.
(٤) رواه أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء ٢ / ٣٥٣.
(٥) سير أعلام النبلاء ٦ / ١٢٠.
(٦) حلية الأولياء ٢ / ٣٤٦.