أجرك ولا فتنّي بفراقك ، فقلت لها : من هذا؟ فقالت : ابني ، وهذه ابنة عمه ، كان مسمّى بها وهي صغيرة ، فليلة زفت إليه أخذها وجع أتى على نفسها فقضت فانصدع قلب ابني ، فلحقت روحه روحها فدفنتهما في ساعة واحدة ، فقلت : فمن كتب على القبرين هذا؟ قالت : أنا ، قلت : وكيف؟ قالت : كان كثيرا ما يتمثل بهذين البيتين فحفظتهما لكثرة تلاوته لهما ، فقلت : ممّن أنت؟ قالت : فزارية ، قلت : ومن قالهما؟ قالت : كريم ابن كريم ، سخي ابن سخي ، شجاع ابن بطل صاحب رئاسة ، قلت : ومن؟ قالت : مالك بن أسماء بن خارجة ابن حصن يقولهما في امرأته حبيبة بنت أبي جندب الأنصاري ، ثم قالت : وهو الذي يقول :
يا منزل الغيث بعد ما قنطوا |
|
ويا ولي النّعماء والمنن |
يكون ما شئت أن يكون وما |
|
قدّرت أن لا يكون لم يكن |
لو شئت إذ كان حبها عرضا |
|
لم ترني وجهها ولم ترني |
يا جارة الحي كنت لي سكنا |
|
إذ ليس بعض الجيران بالسّكن |
أذكر من جارتي ومجلسها |
|
طرائفا من حديثها الحسن |
ومن حديث يزيدني مقة |
|
ما لحديث الموموق من ثمن |
قال : فكتبتها ثم قامت مولية فشغلتني عما إليه قصدت لتسكين ما بي من الأحزان أخبرنا أبو بكر بن المزرفي ، أنا أبو جعفر بن المسلمة ، وأبو علي ، قالا : أنا أبو الفرج أحمد بن محمّد بن عمر ، أنا أبو سعيد السيرافي ، نا أبو بكر بن السراج [نا](١) محمّد بن السري ، نا أبو العباس محمّد بن يزيد قال :
أول ما سمعت الرياشي ينشد شعرا لمالك بن أسماء (٢) بن خارجة (٣) :
يا ليت لي خصّا بداركم (٤) |
|
بدلا بداري في بني أسد |
الخصّ (٥) فيه تقرّ أعيننا |
|
خير من الآجرّ والكمد |
قال : وأنشدني أيضا له يقول لأخيه عيينة :
__________________
(١) زيادة لازمة.
(٢) بالأصل : «خارجة بن أسماء» وفوقهما علامتا تقديم وتأخير.
(٣) البيتان في الأغاني ١٧ / ٢٣٤ والشعر والشعراء ص ٤٩٣.
(٤) في المصدرين : يجاورها.
(٥) أخّر البيت بالأصل عن موضعه ، وكتب بين البيتين التاليين الذي قالهما في أخيه عيينة.