أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد ، أنا أبو الحسن علي بن الحسين بن أيوب ، أنا أبو علي بن شاذان ، أنا أبو إسحاق بن نيخاب (١) ، نا إبراهيم بن الحسين ، نا يحيى بن سليمان ، حدّثني أحمد بن بشير ، عن مجالد بن سعيد سمعه قال : أخبرني عامر الشعبي.
أن عليا كان استعمل الأشتر على مصر ، قال : واسمه مالك بن الحارث ، فخرج ، فأخذ طريق الحجاز حتى مرّ بالمدينة ، فاتبعه مولى لعثمان يقال له : نافع ، فخدمه وألطفه ، وحف له ، فقال له الأشتر : من أنت؟ فقال : أنا نافع ، مولى عمر بن الخطّاب.
قال : وكان الأشتر محبا لعمر بن الخطّاب ، فأدناه الأشتر ، وقرّبه ، وولّاه أمره كله ، فلم يزل معه كذلك حتى نزل الأشتر عين شمس (٢) ، وتلقاه أشراف أهل مصر ، فتعدى الأشتر بها ، فأتي بسمك ، فأكل منه ، ثم استسقى ، فانطلق نافع فحاص له عسلا وسمّه ، فألقى فيه سما ، فشرب الأشتر منه ، فانبتت عنقه ، فمات.
ففتشوا متاعه فوجدوا عهده من علي في ثقله ، فقرءوه ، فوجدوا فيه (٣) :
بسم الله الرّحمن الرحيم ، من عبد الله (٤) علي أمير المؤمنين إلى الملأ الذين غضبوا لله (٥) من بعد ما عصي الله في الأرض ، وضرب الجور بأرواقه على البرّ والفاجر ، فلا (٦) حق يتريع إليه ولا منكر يتناهى عنه ، سلام عليكم ، فإنّي أحمد إليكم الله الذي لا إله إلّا هو.
أما بعد ، فإني قد بعثت إليكم عبدا من عباد الله ، لا نائي الضريبة (٧) ولا كليل الحدّ ، ولا ينام على الخوف ، ولا ينكل عن الأعداء حذار الدوائر ، أشدّ على الفجّار من حريق النار ، وهو مالك بن الحارث ، أخو مذحج ، وإنه سيف من سيوف الله ، فإن استنفركم فانفروا ، إن أمركم بالإقامة فأقيموا ، فإنه لا يقدم ولا يحجم إلّا بأمري ، وقد آثرتكم به على نفسي لنصيحته لكم وشدة شكيمته على عدّوكم (٨).
عصمكم ربكم بالهدى وثبّتكم باليقين ، والسّلام عليكم.
__________________
(١) بدون إعجام بالأصل.
(٢) عين شمس : مدينة كبيرة بمصر ، بينها وبين الفسطاط ثلاثة فراسخ (معجم البلدان).
(٣) نهج البلاغة ص ٥٧٨ تحت عنوان : ومن كتاب له عليهالسلام إلى أهل مصر لما ولّى عليهم الأشتر رحمهالله.
(٤) بالأصل : «من عند علي» والمثبت عن نهج البلاغة.
(٥) بالأصل والمختصر : «عصوا الله» والمثبت عن نهج البلاغة.
(٦) في نهج البلاغة : فلا معروف يستراح إليه.
(٧) في نهج البلاغة : نابي الضريبة.
(٨) إلى هنا في نهج البلاغة.