فاعلا بثبت المحذوفة ، وقيل : موصولة اسمية و (لَهُمْ) صلتها والضمير عائد عليها مستكن في المجرور والتقدير كالذي لهم وآلهة بدل من ذلك الضمير المستكن.
(قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) تعجب موسى عليهالسلام من قولهم على أثر ما رأوا من الآيات العظيمة والمعجزات الباهرة ووصفهم بالجهل المطلق وأكده بأن لأنه لا جهل أعظم من هذه المقالة ولا أشنع وأتى بلفظ (تَجْهَلُونَ) ولم يقل جهلتم إشعارا بأن ذلك منهم كالطبع والغريزة لا ينتقلون عنه في ماض ولا مستقبل.
(إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) الإشارة بهؤلاء إلى العاكفين على عبادة الأصنام ومعنى (مُتَبَّرٌ) مهلك مدمر مكسر وأصله الكسر ، وقال الكلبي : مبطل ، وقال أبو اليسع : مضلل ، وقال السدّي وابن زيد : مدمر رديء سيىء العاقبة وما هم فيه يعمّ جميع أحوالهم وبطل عملهم هو اضمحلاله بحيث لا ينتفع به وإن كان مقصودا به التقرّب إلى الله تعالى (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) (١) ، قال الزمخشري : وفي إيقاع (هؤُلاءِ) اسما لأن وتقديم خبر المبتدأ من الجملة الواقعة خبرا لها واسم لعباده بأنهم هم المعرضون للتبار وأنه لا يعدوهم البتة وأنه لهم ضربة لازم ليحذرهم عاقبة ما طلبوا ويبغض لهم فيما أحبوا انتهى ولا يتعيّن ما قاله من أنه قد جزم خبر المبتدأ من الجملة الواقعة خبرا لأنّ لأن الأحسن في إعراب مثل هذا أن يكون خبر (إِنَ مُتَبَّرٌ) وما بعده مرفوع على أنه مفعول لم يسمّ فاعله وكذلك (ما كانُوا) هو فاعل بقوله (وَباطِلٌ) فيكون إذ ذاك قد أخبر عن اسم إنّ بمفرد لا جملة وهو نظير أن زيدا مضروب غلامه فالأحسن في الإعراب أن يكون غلامه مرفوعا على أنه لم يسمّ فاعله ومضروب خبر إن والوجه الآخر وهو أن كون مبتدأ ومضروب خبره جائز مرجوح.
قالَ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (١٤٠) وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (١٤١) وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (١٤٢) وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (١٤٣)
__________________
(١) سورة الفرقان : ٢٥ / ٢٣.