وقرأ الصاحبان والكسائي : (وَلِباسُ التَّقْوى) بالنصب عطفا على المنصوب قبله ، وقرأ باقي السّبعة بالرفع ، فقيل هو على إضمار مبتدأ محذوف أي وهو لباس التقوى قاله الزّجاج و (ذلِكَ خَيْرٌ) على هذا مبتدأ وخبر وأجاز أبو البقاء أن يكون (وَلِباسُ) مبتدأ وخبره محذوف تقديره ولباس التّقوى ساتر عوارتكم ، وهذا ليس بشيء والظاهر أنه مبتدأ ثان و (خَيْرٌ) خبره والجملة خبر عن (وَلِباسُ التَّقْوى) والرابط اسم الإشارة وهو أحد الروابط الخمس المتفق عليها في ربط الجملة الواقعة خبرا للمبتدأ إذا لم يكن إياه ، وقيل : ذلك بدل من لباس ، وقيل : عطف بيان ، وقيل : صفة وخبر (وَلِباسُ) هو (خَيْرٌ) ، وقال الحوفي : وأنا أرى أن لا يكون ذلك نعتا للباس التقوى لأنّ الأسماء المبهمة أعرف مما فيه الألف واللام وما أضيف إلى الألف واللام وسبيل النعت أن يكون مساويا للمنعوت أو أقلّ منه تعريفا فإن كان قد تقدّم قول أحد به فهو سهو وأجاز الحوفي أن يكون ذلك فصلا لا موضع له من الإعراب ويكون (خَيْرٌ) خبرا لقوله (وَلِباسُ التَّقْوى) فجعل اسم الإشارة فصلا كالمضمر ولا أعلم أحدا قال بهذا وأما قوله فإن كان قد تقدّم قول أحد به فهو سهو فقد ذكره ابن عطية وقال : هو أنبل الأقوال ذكره أبو علي في الحجة انتهى ؛ وأجازه أيضا أبو البقاء وما ذكره الحوفي هو الصواب على أشهر الأقوال في ترتيب المعارف ، وقرأ عبد الله وأبيّ ولباس التقوى خير بإسقاط ذلك فهو مبتدأ وخبر والظاهر حمله على اللباس حقيقة ، فقال ابن زيد هو ستر العورة وهذا فيه تكرار لأنه قد قال (لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ) ، وقال زيد بن علي : الدّرع والمغفر والساعدان لأنه يتقى بها في الحرب. وقيل : الصّوف ولبس الخشن ، وروي اخشوشنوا وكلوا الطعام الخشن ، وقيل ما يقي من الحرّ والبرد ، وقال عثمان بن عطاء : لباس المتقين في الآخرة ، وقيل لباس التقوى مجاز ، وقال ابن عباس : العمل الصالح ، وقال أيضا : العفة ، وقال عثمان بن عفّان وابن عباس أيضا : السّمت الحسن في الوجه ، وقال معبد الجهني : الحياء ، وقال الحسن : الورع والسّمت الحسن ، وقال عروة بن الزبير : خشية الله ، وقال ابن جريج : الإيمان ، وقيل ما يظهر من السكينة والإخبات ، وقال يحيى بن يحيى : الخشوع والأحسن أن يجعل عاما فكلّ ما يحصل به الاتقاء المشروع فهو من لباس التقوى والإشارة بقوله ذلك من آيات الله إلى ما تقدّم من إنزال اللباس والرّياش ولباس التقوى والمعنى من آيات الله الدالّة على فضله ورحمته على عباده ، وقيل : من موجب آيات الله ، وقيل : الإشارة إلى (لِباسُ التَّقْوى) أي هو في العبر