هؤلاء العلماء العظماء ، وكون المؤلف من إيران ، جعل لي الأفضلية في هذا المقام ، لأنه من بلدي ، وقديما قالوا : أهل مكة أدرى بشعابها.
فمن هنا ، عزمت على تحقيق هذا الكتاب العظيم المهم ، على ضوء ما أشار إليه فضيلة الأستاذ الدكتور أكرم ، حفظه الله.
وكان هذا كله قبل تعيين مشرف على الرسالة ، ثم أسند الإشراف إلى فضيلة الأستاذ الدكتور محمود أحمد ميره ـ حفظه الله تعالى ـ فاتصلت به ، وعرضت عليه خطتي السابقة ، فلم يقتنع بها ـ لأني لم أضع في الخطة تخريج الأحاديث والآثار ـ قائلا : كيف يصلح لطالب متخصص في الحديث أن يمر على الأحاديث وأسانيدها بدون دراسة وبحث ، فكنت أعرض عليه كبر حجم الكتاب وضيق المجال ، وأن مثل هذا العمل لكتاب كبير نحو هذا يتطلب سنوات عديدة ، فلم يزل يشجعني حتى اقتنعت وغيرت خطة العمل إلى ما هو أحسن وأتم كما ستقرؤه في منهج التحقيق فيما بعد ، فاستمريت على هذا المنهج حتى قضيت سنتين ولم أنجز منه إلا ثلثه تقريبا فقط ، فبدا لي أن العمل على هذه الطريقة لتحقيق جميع هذا الكتاب يستغرق ست سنوات تقريبا ، فاستشرت فضيلة المشرف ـ حفظه الله تعالى ـ في ذلك ، وعرضت عليه حذف الجزء الثالث منه ، فوافقني على ذلك بل قال لي : لو حذفت أكثر لكان أحسن ـ جزاه الله خيرا ، فتقدمت إلى رئاسة القسم بحذف الجزء الثالث من الرسالة فقط ، فتمت الموافقة على ذلك ، وصار بذلك القسم المحقق من الكتاب لرسالة الماجستير هو الجزء الأول والثاني من «طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها» ، لأبي الشيخ الأنصاري الأصفهاني ، فما في تحقيقه من حسن وجمال ، فيعود الفضل في ذلك إلى الله تعالى أوّلا بحسن توفيقه ، ثم إلى المشرف على الرسالة الدكتور محمود ميره حفظه الله تعالى ثانيا ، وما فيه من الهفوات والأخطاء فمني ومن الشيطان.
فكان هذا هو السبب الأول لاختياري هذا الكتاب.
وأما السبب الثاني : فلما ذكرت من حرصي ورغبتي في إحياء تراث علماء السلف في إيران.